إن الشهيد - حقا - في سبيل الله، عندما معاينته للجزاء الكثير الذي ناله بسبب جهاده أعداء الدين واستشهاده في سبيله، يتمنى على الله أن يعيده إلى الدنيا ليجاهد ويستشهد المرة بعد المرة كي ينال أجره المضاعف، فقد ورد في صحيح البخاري قوله:
"باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا"
ثم ذكر بسنده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثه الذي قال فيه: " ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات، لما يرى من الكرامة" وجاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يغفر الله للشهيد كل شيء إلا الدين" وفي رواية له: "القتال في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدين" ذلك لأنه من حقوق العباد بعضهم على بعض، فهذه الحقوق أو المظالم لا تكفر إلا بالتحلل منها في الدنيا، إما بإرجاعها لأهلها، وإما بالعفو والمسامحة منهم له.
ذلك أن المجاهد الشهيد الذي مات في المعركة مع العدو على نية أن ينصر الحق على الباطل، قد أدى واجبه كمدافع مخلص لعقيدته ودينه، فكيف يكون جزاؤه مماثلا لمن لم يقدم ما قدم هو من تضحيات بالمال والنفس والوقت وكل ما يملك من راحة ومتع