الدنيا كلها ظلمة، إلا مجالس العلماء (1)
قال الإِمام أبو بكر الآجري -رحمه الله تعالى-: "فما ظنكم -رحمكم الله- بطريق فيه آفات كثيرة، ويحتاج الناس إلى سلوكه في ليلة ظلماء، فإن لم يكن فيها ضياء وإلا تحيَّروا، فقيَّض الله لهم فيه مصابيح تضيء لهم، فسلكوه على السلامة والعافية، ثم جاءت طبقات من الناس، لا بد لهم من السلوك فيه فسلكوا، فبينما هم كذلك إذ طفئت المصابيح، فبقوا في الظلمة، فما ظنكم بهم؟
هكذا العلماء في الناس، لا يعلم كثير من الناس كيف أداءُ الفرائض، ولا كيف اجتنابُ المحارم، ولا كيف يُعْبد الله في جميع ما يَعبده به خلقُه إلا ببقاء العلماء، فإذا مات العلماء تحيَّر الناس، ودَرَس العلم بموتهم، وظهر الجهل" [2].
إن مهمة المبصرين هي التبصير، ولا سيما في أوقات الفتن؛ حيث يكون العلماء الفاقهون وحدهم هم المستشرفين لنتائجها في لحظات إقبالها على حَدّ قول الحماسي:
تبين أعقابُ الأمور إذا مضت ... وتُقبل أشباهًا عليك صدورُها
وقول الآخر:
لو أن صدور الأمر يبدون للفتى ... كأعقابه لم تلفه يتندَّم
(1) من كلام الحسن البصريّ -رحمه الله تعالى-.
(2) "أخلاق العلماء" ص (96).