الدّمَن؛ إنها مُشَبَّهَةٌ مقبلةً، حتى يقولَ الجاهلُ: هذه تُشَبَّه؛ وتبيَّنُ مدبرةً؛ فإذا رأيتموها: فاجثموا في بيوتكم، وكسِّروا سيوفكم، وقطعوا أوتاركم" [1].
وعنه - رضي الله عنه - أنه ذكر فتنة، فقال: "تُشَبَّهُ مُقْبِلَةً، وتُبَيَّنُ مُدْبِرةً" [2].
قال شمر: "معناه: أن الفتنة إذا أقبلت شَبَّهَت على القوم، وأرتهم أنهم على الحق؛ حتى يدخلوا فيها، ويركبوا منها ما لا يحل؛ فإذا أدبرت وانقضت بَانَ أمرها، فَعَلِمَ من دخل فيها أنه كان على الخطأ" [3].
فلا تُخْدَعْ بأولِ ما تراه ... فأولُ طالعٍ فجرٌ كذوبُ
وفي مثل هذا المعنى قال شبيب بن البرصاء:
تَبَينُّ أعجازُ [4] الأمورِ مَواضيًا ... وتُقْبِلُ أَشْباهًا عليكَ صُدُورُها (5)
ومثله قول الشاعر:
تشابَهُ أعناقُ [6] الأمورِ بواديًا ... وتظهرُ في أعقابها حين تُدْبِرُ
ومثله قول قتيبة بن عمروٍ الأسدي:
يشكُّ عليك الأمرُ ما دام مقبلا ... وتعرفُ ما فيه إذا هو أَدْبَرا
(1) "حلية الأولياء" (1/ 273).
(2) "المصنف" لابن أبي شيبة (15/ 20).
(3) "لسان العرب" (13/ 503، 504). [4] أعجاز الأمور: أواخرها.
(5) صدورها: أوائلها. [6] أعناق الأمور: أوائلها.