حفظ اللسان في الفتن
قال الله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78]، وقال -عزَّ وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [التوبة: 123]، فمن سُنَّة الجهاد البُداءَة بالعدو الأقرب فالأقرب، والنفس الأمَّارة بالسوء بين جنبي الإنسان هي أقرب أعدائه إليه، فليبدأ بمجاهدتها وقمعها، خصوصًا وأنها التي تأمر اللسان بالغِيبة، والنميمة، والجدل، والمراء، والكذب، والخوض في الفتن.
عن فضالة بن عبيد - رضي الله عنه -، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المجاهد من جاهد نفسه في الله عز وجل" [1].
وعن أبي ذر - رضي الله عنه -، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الجهاد: أن تجاهد نفسك وهواك في ذات الله عز وجلَّ" [2].
وقال أبو حازم -رحمه الله-: "قاتِل هواك أشدَ مما تقاتل عدوك" [3].
ويتأكد وجوب حفظ اللسان وقت الفتن لما لِلِّسان من أثر في إشعالها، وقد يحسب المغرور أنه إذا كفَّ يده فقد اعتزل الفتن، ولا يدري أنه لا ينجو منها حتى يكف لسانه أيضًا، وكم من خائضٍ في الفتن متلوثٍ بها بلسانه، وهو يظن أنه ناجٍ منها، وهو من أنشط الساعين فيها، [1] أخرجه الإمام أحمد (6/ 20، 22)، والترمذي (1621)، وقال: "حسن صحيح"، وابن حبَّان رقم (4624)، (4706)، والطبراني (18/ 309) رقم (797)، وقال الألباني في "الصحيحة": "إسناده جيد" (3/ 484). [2] رواه أبو نعيم في "الحلية" (2/ 249). وانظر: "السلسلة الصحيحة" رقم (1496).
(3) "الحلية" (3/ 231).