أيضاً بفعل جماعة من الصحابة؛ كابن عمر وأبي رافع وغيرهم, أنهم كانوا يحفون شواربهم إحفاءً شديداً, وهذا مشهور مذهب الأحناف.
وقال بعضهم: بل السنة القص, وهذا مذهب الأكثر, بل ذهب مالك -رحمه الله - إلى أن حلق الشارب بدعة, وقال: أرى أن يُضرب فيها الفاعل. وقال: إنها بدعة ظهرت في الناس.
والصحيح أن السنة القص, وأما الحلق فمباح, لكنه خلاف الأولى, وله وجهة وسلف, ومن الأدلة على سنية القص حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه - الذي رواه النسائي وغيره بإسناد صحيح: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لم يأخذ من شاربه فليس منا» [1] و «من» هنا للتبعيض.
ومن الأدلة أيضاً أن المغيرة - رضي الله عنه -، قال: "أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان شاربي قد وفى فقصّه لي على سواك. [2] وإسناده لا بأس به. [1] أخرجه النسائي (رقم: 13) وأخرجه ابن أبى شيبة (رقم: 25493) وأحمد (رقم: 19283) وعبد بن حميد (رقم: 264) والترمذي (رقم: 2761) وقال: حسن صحيح. وغيرهم. [2] أخرجه أحمد (رقم: 18237) وأبو داود (رقم: 188) والنسائي (رقم: 6621) والطبراني في الكبير (رقم: 1059).