قال: ((تُعرضُ الفتنُ على القلوب كالحصير عُوداً عودا، فأيُّ قلبٍ أُشر بها نَكت فيه نكتةٌ سوداءُ، وأيُّ قلبٍ أنكرها نُكت فيه نكتةٌ بيضاءُ حتى تصيرَ على قلبين: على أبيضَ مثل الصَّفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخرُ أسودُ مربادًّا كالكوزُ مجخِّياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أُشرب من هواه)) [1][2]. [1] مسلم، كتاب الإيمان، باب رفع الأمانة والإيمان من بعض القلوب، وعرض الفتن على القلوب، 144. [2] قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((تعرض الفتن على القلوب)) أي تلصق بعرض القلوب: أي جانبها، كما يلصق الحصير بجنب النائم، ويؤثر فيه شدة التصاقها به، وقوله: ((عوداً عوداً)) أي تعاد وتكرر شيئاً بعد شيء.
وقوله: ((كالحصير)) أي كما ينسج الحصير عُوداً عوداً.
قوله: ((فأي قلب أشربها)): أي دخلت فيه دخولاً تاماً، وحلت منه محل الشراب، وألزمها.
قوله: ((أبيض مثل الصفا)) هذا يدل على قوته على عقد الإيمان وسلامته من الخلل، وأن الفتن لم تلصق به ولم تؤثر فيه، كالصفا وهو الحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء.
قوله: ((أسود مربادَّ)) أي: شبه البياض في سواد.
قوله: ((مجخِّياً)): أي منكوساً، فهذا القلب قد نُكس حتى لا يعلق به خير ولا حكمة، وقد شبه القلب الذي لا يعي خيراً بالكوز المنكوس الذي لا يثبت الماء فيه. [شرح النووي على صحيح مسلم، 2/ 531].