ليس في السياق ما يدل على التحريم، وإنما فيه نفي الأمر لذلك، ونفي الأمر لا يستلزم ثبوت النهي، لكن يمكن أن يحتج بفعله - صلى الله عليه وسلم - في هتكه [1].
وأما حديث عبد الله بن عباس وشاهده فضعيفان.
وأما أثر أبي أيوب مع ابن عمر فليس صريحًا في التحريم بل استدل بفعل ابن عمر على الجواز.
قال ابن قدامة عقب ذكره للأحاديث في هذا الباب: إذا ثبت هذا فإن ستر الحيطان مكروه غير محرم، وهذا مذهب الشافعي إذ لم يثبت في تحريمه دليل، وقد فعله ابن عمر في زمن الصحابة رضي الله عنه، وإنما كره لما فيه من السرف والزيادة في الملبوس والمأكول، وقد قيل هو محرم للنهي عنه، والأول أولى فإن النهي لم يثبت ولو ثبت لحمل على الكراهة لما ذكرنا [2].
الترجيح:
الأظهر والله أعلم القول الثالث وهو التفصيل، وهو إن كانت الستور لحاجة فلا بأس بها، وإن كانت لغير حاجة فهي مكروهة لعموم الأدلة الواردة في هذا الباب، وأما حديث عائشة فليس صريحًا في أن الهتك بسبب الستر وإنما كان بسبب الصورة وحديث ابن عباس والحسين صريحا في النهي لكن لا يصحان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: ويكره تعليق الستور على الأبواب من غير حاجة لوجود أغلاق غيرها من أبواب الخشب ونحوها، وكذلك تكرار الستور في الدهليز [3] لغير حاجة فإن ما زاد على الحاجة فهو سرف وهل يرتقى إلى التحريم؟ محل نظر [4]. [1] سنن البيهقي (7/ 272). [2] المغني الجزء السابع ص9. [3] الدهليز: هو الدِّليج فارسي معرب، وهو ما بين الباب والدار. اللسان (5/ 349). [4] الاختبارات (244).