responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : هداية القرآن للتي هي أقوم نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 124
كذلك الذي يقضي في الأمر ويفصل فيه .. وليس بعد هذا تنزيه وتجريد لذات اللّه - سبحانه - وخصائصه، عن ذوات العبيد ..
ثم يؤمر أن يلمس قلوبهم وعقولهم ويلفتها إلى دلالة قوية على أن هذا الأمر من عند اللّه، ومتروك لمشيئة اللّه. فلو أن أمر الخوارق - بما فيها إنزال العذاب - في مقدوره - وهو بشر - ما استطاع أن يمسك نفسه عن الاستجابة لهم، وهم يلحفون هذا الإلحاف. ولكن لأن الأمر بيد اللّه وحده، فهو يحلم عليهم فلا يجيئهم بخارقة يتبعها العذاب المدمر، إن هم كذبوا بها كما فعل بمن قبلهم: «قُلْ: لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ» ..
إن للطاقة البشرية حدودا في الصبر والحلم والإمهال. وما يحلم على البشر ويمهلهم - على عصيانهم وتمردهم وتبجحهم - إلا اللّه الحليم القوي العظيم ..
وصدق اللّه العظيم .. فإن الإنسان ليرى من بعض الخلق ما يضيق به الصدر، وتبلغ منه الروح الحلقوم ..
ثم ينظر فيجد اللّه - سبحانه - يسعهم في ملكه، ويطعمهم، ويسقيهم، ويغدق أحيانا عليهم، ويفتح عليهم أبواب كل شيء .. وما يجد الإنسان إلا أن يقول قولة أبي بكر - رضي اللّه عنه - والمشركون يضربونه الضرب المبرح الغليظ، حتى ما يعرف له أنف من عين: «رب ما أحلمك! رب ما أحلمك!» [1] .. فإنما هو حلم اللّه وحده .. وهو يستدرجهم من حيث لا يعلمون! «وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ» ..
فهو يمهلهم عن علم، ويملي لهم عن حكمة، ويحلم عليهم وهو قادر على أن يجيبهم إلى ما يقترحون، ثم ينزل بهم العذاب الأليم ..
وبمناسبة علم اللّه - سبحانه - بالظالمين واستطرادا في بيان حقيقة الألوهية يجلي هذه الحقيقة في مجال ضخم عميق من مجالاتها الفريدة .. مجال الغيب المكنون، وعلم اللّه المحيط

[1] - قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:وَحَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمّدٍ، قَالَ لَقِيَهُ سَفِيهٌ مِنْ سُفَهَاءِ قُرَيْشٍ، وَهُوَ عَامِدٌ إلَى الْكَعْبَةِ، فَحَثَا عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا.قَالَ فَمَرّ بِأَبِي بَكْر ٍ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، أَوْ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ.قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْر ٍ أَلَا تَرَى إلَى مَا يَصْنَعُ هَذَا السّفِيهُ؟ قَالَ أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِنَفْسِك.قَالَ وَهُوَ يَقُولُ أَيْ رَبّ مَا أَحْلَمَك أَيْ رَبّ مَا أَحْلَمَك أَيْ رَبّ مَا أَحْلَمَك "سيرة ابن هشام [1/ 373] صحيح مرسل
نام کتاب : هداية القرآن للتي هي أقوم نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست