نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 121
أخرى لتضخيم جريمتهم وإبراز شناعتها. فهم جحدوا آيات، وهم عصوا رسلا. فما أضخم الذنب وما أشنع الجريمة! «وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ» ..
أمر كل متسلط عليهم، معاند لا يسلم بحق، وهم مسؤولون أن يتحرروا من سلطان المتسلطين، ويفكروا بأنفسهم لأنفسهم. ولا يكونوا ذيولا فيهدروا آدميتهم.
وهكذا يتبين أن القضية بين هود وعاد كانت قضية ربوبية اللّه وحده لهم والدينونة للّه وحده من دون العباد ..
كانت هي قضية الحاكمية والاتباع .. كانت هي قضية: من الرب الذي يدينون له ويتبعون أمره؟ يتجلى هذا في قول اللّه تعالى: «وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ، وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ» ..
فهي المعصية لأمر الرسل والاتباع لأمر الجبارين! والإسلام هو طاعة أمر الرسل - لأنه أمر اللّه - ومعصية أمر الجبارين. وهذا هو مفرق الطريق بين الجاهلية والإسلام وبين الكفر والإيمان .. في كل رسالة وعلى يد كل رسول.
وهكذا يتبين أن دعوة التوحيد تصر أول ما تصر على التحرر من الدينونة لغير اللّه والتمردعلى سلطان الأرباب الطغاة وتعد إلغاء الشخصية والتنازل عن الحرية، واتباع الجبارين المتكبرين جريمة شرك وكفر يستحق عليها الخانعون الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة .. لقد خلق اللّه الناس ليكونوا أحرارا لا يدينون بالعبودية لأحد من خلقه، ولا ينزلون عن حريتهم هذه لطاغية ولا رئيس ولا زعيم. فهذا مناط تكريمهم.
فإن لم يصونوه فلا كرامة لهم عند اللّه ولا نجاة. وما يمكن لجماعة من البشر أن تدعي الكرامة، وتدعي الإنسانية، وهي تدين لغير اللّه من عباده. والذين يقبلون الدينونة لربوبية العبيد وحاكميتهم ليسوا بمعذورين أن يكونوا على أمرهم مغلوبين. فهم كثرة والمتجبرون قلة. ولو أرادوا التحرر لضحوا في سبيله بعض ما يضحونه مرغمين للأرباب المتسلطين من ضرائب الذل في النفس والعرض والمال.
لقد هلكت عاد لأنهم اتبعوا أمر كل جبار عنيد .. هلكوا مشيعين باللعنة في الدنيا وفي الآخرة: «وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ» ..
نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 121