نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 84
فأمام هذا الركام من التصورات الفاسدة والمنحرفة التي أشرنا إليها هذه الإشارات الخاطفة جاء الإسلام في هذه السورة - ليعلنها ناصعة واضحة صريحة حاسمة: «اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ».
فكانت مفرق الطريق في التصور والاعتقاد .. كذلك كانت مفرق الطريق في الحياة والسلوك ..
إن الذي يمتلئ شعوره بوجود اللّه الواحد الذي لا إله إلا هو. الحي الواحد الذي لا حي غيره. القيوم الواحد الذي به تقوم كل حياة أخرى وكل وجود، كما أنه هو الذي يقوم على كل حي وكل موجود ..
إن الذي يمتلئ شعوره بوجود اللّه الواحد الذي هذه صفته، لا بد أن يختلف منهج حياته ونظامها من الأساس عن الذي تغيم في حسه تلك التصورات التائهة المهوشة. فلا يجد في ضميره أثرا لحقيقة الألوهية الفاعلة المتصرفة في حياته! إنه مع التوحيد الواضح الخالص لا مكان لعبودية إلا للّه. ولا مكان للاستمداد والتلقي إلا من اللّه. لا في شريعة أو نظام، ولا في أدب أو خلق. ولا في اقتصاد أو اجتماع. ولا مكان كذلك للتوجه لغير اللّه في شأن من شؤون الحياة، وما بعد الحياة .. أما في تلك التصورات الزائغة المنحرفة المهزوزة الغامضة فلا متجه ولا قرار، ولا حدود لحرام أو حلال، ولا لخطإ أو صواب: في شرع أو نظام، في أدب أو خلق، وفي معاملة أو سلوك .. فكلها .. كلها .. إنما تتحدد وتتضح عند ما تتحدد الجهة التي منها التلقي، وإليها التوجه، ولها الطاعة والعبودية والاستسلام.
ومن ثم كانت هذه المواجهة بذلك الحسم في مفرق الطريق: «اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ» ..
ومن ثم كان التميز والتفرد لطبيعة الحياة الإسلامية - لا لطبيعة الاعتقاد وحده - فالحياة الإسلامية بكل مقوماتها إنما تنبثق انبثاقا من حقيقة هذا التصور الإسلامي عن التوحيد الخالص الجازم. التوحيد الذي لا يستقيم عقيدة في الضمير ما لم تتبعه آثاره
نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 84