responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذكرات شاهد للقرن نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 397
نشأ (سوالمية) يتيماً في حي (القصبة) الشعبي بالجزائر، ثم انتقل طفلاً إلى مرسيليا، فنبت على أرصفتها بين أطفالها المشردين، وأصبح في ملبسه ونطقه وهيئته أحد هؤلاء العمال المرسيليين الكادحين بميناء مرسيليا، يعرف كل مسارب الميناء ودروبه، ويعرف كل شركات الملاحة وأسماء بواخرها الصادرة والعائدة بمواقيتها.
كان ما يمكن أن نسميه (تيتي [1] مرسيليا)، وبقي مع ذلك متصلاً بالوسط الجزائري يعرف كل زواياه وخفاياه بخيرها وشرها، ولكنه لم يقترب من الشر مثل أولئك الذين تعاطوا الحشيش أو الكحول ليتسلوا عن مصائبهم، بعد أن شردتهم الظروف من مسقط رأسهم، وزرعت بهم شوارع مرسيليا حيث تغوص أقدام بعضهم في تلك الرمال المتحركة الموجودة في كبريات المدن مثل مرسيليا. كان (سوالمية) متجنباً حتى الحركة النقابية التي أصبحت مجرد شبكة صيد، إلى أن قصدت العمال الجزائريين لتصنع منهم كبش الفداء في الاضطرابات النقابية، أو حديدة الرمح في الاصطدامات بين المنظمات اليسارية واليمينية، خصوصاً منذ بدأت حركة (الجبهة الشعبية).
وكان خاصة يعرف ما يهب وما يدب بشارع (لوشابولييه) الذي تحدثنا عليه في فصل سابق، والذي كان حديقة الحيوان تعرض فيها الحياة الجزائرية للسائح الأوربي المتجول في المدينة على ذوق الاستعمار، حسب إرادته في إظهارها في أبشع صورة، فكان (سوالمية) على إدراك تام بهذه السياسة اللعينة، وكان بوجه خاص يحقد على التجار الجزائريين الذين ينفذون هذه السياسة في مطابخهم ومقاهيهم:
- لعنهم الله إنهم يتاجرون بكرامة وطنهم ويستغلون بؤس إخوانهم! ..

[1] كلمة شعبية مستعملة في باريس للتعبير عن الفتى الذي ينشأ في الشارع وهو حاذق لبق.
نام کتاب : مذكرات شاهد للقرن نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 397
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست