نام کتاب : مذكرات شاهد للقرن نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 407
كان ضعيفاً، ولم أكن أتصور أنها سوف تمهلني حتى تنتهي مهمتي بنادي (المؤتمر الإسلامي الجزائري)، كما لم أكن أيضاً أتصور أن ظروف التلاميذ أنفسهم ستسمح لهم بالبقاء معي الزمن الكافي، على احتمال أن النادي هو الآخر، يبقى على قيد الحياة، وهو مجرد احتمال إذا نظرنا إليه بصفته مؤسسة ليس وراءها من الرصيد والضمانات ما وراء معهد (سان جاك) قبالته، وإذا نظرنا أيضاً إلى أن علاقتي الشخصية به مديراً قد تضرّ به لأنها تغضب السلطات العليا.
أصبحت هذه الاعتبارات عادية بالنسبة لي، فقررت على أساسها ألا يكون مضمون البرنامج، في تلقين معلومات قد لا يكفي الوقت لتلقينها، بل في تكوين شخصية ذات أبعاد ربما تكونها طفرة واحدة، هزة أو بعض الهزات النفسية.
فاتضح الموضوع في ذهني: إنني سوف أعلم التلاميذ القراءة والكتابة بطبيعة الحال، حتى يستطيعوا إمضاء اسمهم على الأقل، في مكتب بريد أو في إدارة عملهم، ولكنني سأحاول جهدي قبل أي شيء، أن أغير أبعادهم النفسية؛ ولم أكن أرى شيئاً يصلح لهذا الغرض مثل مفهوم (اللانهاية) الذي يفتق فعلاً الحدود العادية في النفوس، كل النفوس المرتبطة في أول نشأتها بعالم الأشياء المحدودة بطبيعتها، وليس من وسيلة تعبر بطريقة مُحَسَّة على مفهوم اللانهاية، مثل الأعداد الكبيرة.
فعندما يتعود الطفل أو التلميذ المسن، كتابة عدد كبير تحت إملأاء معلمه، ثم عدد أكبر .. ثم أكبر .. فأكبر .. فإن الشعورب (اللانهاية) يتكون عنده تلقائياً، نتيجة انفجار داخل حدوده العقلية السابقة.
إنني أعتقد أن الخليفة عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- اكتشف هذا الأثر في نفسه، يوم أتاه أحد عماله بفيء، وقال! له:
نام کتاب : مذكرات شاهد للقرن نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 407