نام کتاب : مذكرات شاهد للقرن نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 406
اختلجت في نفسي هذه التساؤلات فعدت:
- ماذا كنت تصنع بتلمسان، قبل أن تأتي إلى فرنسا؟
- كنت مؤدباً في أحد الكتاتيب، أحفّظ القرآن للأطفال. ولكن هذه الحرفة أصبحت لا تضمن لصاحبها القوت إن كان له عيال.
كانت هذه الكلمات البسيطة معبرة أكثر من أي خطاب، أو من أي دراسة عن التحولات القاسية التي فرضها الاستعمار في الجزائر، إن المأساة التي بدأتُ قبل عشرين سنة، أشعر بأثرها في بيت خالتي (بهية)، ومن حياة الأسر القسنطينية الكبيرة والأسر التبسية العريقة [1]، قد تجلت لي الآن بكل وضوح في شخص (تاشفين عبد الله) ولكن هل هو يشعر بها؟
أردت أن أتأكد من ذلك، فسألته سؤال من يغتنم الصدفة:
- هل احتفظت أسرتكم يا عبد الله ببعض الوثائق القديمة؟
فسكت عبد الله هنيهة، كأنه يأخذ منطلقاً في نفسه ثم قال:
- الغريب أن هذا السؤال قد سبق للعامل الفرنسي بناحيتنا أن سألني مثله؟ ..
فلم استغرب سؤال العامل، وبقي علي أن أجيب على تساؤلي في تقرير برنامج تعليم يليق بمثل هذه الحلقة، التي يختلف أفرادها في الأعمار والتكوين والسوابق الذهنية إلى حد بعيد. والأمر الذي تقرر في نفسي منذ اللحظة الأولى، هو أنني لا أستطيع على أية حال، أن أشق بتلامذتي طريق التعليم الذي سطره (الروتين)، والذي تعبّده ألف باء، تاء، ... وواحد، اثنان، ثلاثة ...
لا بد إذن من التفكير في طريق آخر، خاصة أن اطمئناني تجاه الظروف [1] أشير إلى هذه الحالة ببعض التفصيل في الجزء الأول (الطفل).
نام کتاب : مذكرات شاهد للقرن نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 406