responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذكرات شاهد للقرن نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 410
التدهور الحضاري الذي اجتاح البلاد، ومنذ أصبح فيه كل شيء في يد الاستعمار.
ولكن للخريطة ميزة أخرى في التكوين، فإذا كان الحساب ينبه العقل للكم، فإن الجغرافيا تنبهه للكيف، أي الاختلاف بين الأجناس والرقعات الحضارية، والمواصلات بأنواعها والإنتاج بأنواعه المختلفة حسب المناطق والجهات، أي لكل انعكاسات العبقرية البشرية على سطح الأرض.
وكان الحديث على هذا الجانب الكيفي، يسوقنا بطبيعة الحال إلى الحديث في الموضوعات السياسية والأخلاقية وفي السلوك خاصة:
- يجب ألا تمشوا على الرصيف مشية البهائم التائهة، تسدونها على المارة، يجب أن تتقنوا عقدة الرقبة ما دمتم تستعملونها، يجب أن تقصوا شعركم بطريقة تحسن صورتكم. يجب أل اتتكدسوا بميدان (إيكس) مثل الذباب على المزابل، يجب بصورة عامة أن تخالفوا ذوق شارع (لوشابولييه) وأسلوبه، وألا تظهروا بالمظهر الذي يطبعه هذا الأسلوب، حتى لا تتعرضوا لسخرية المرسيلي المتهكم ...
كنت أكرر هذه التوصيات في كثير من المناسبات، وأعود لها في كل مناسبة جديدة، وفي المكان الذي كان ورشة حدادة يضرب على قطعة حديد ليصوبها، ويجعل منها شيئاً جديداً، وأصبحت أضرب على كل اعوجاج في الذوق أو في السلوك لأسويه. بدأت أشعر بتغيرات في نفوس التلاميذ، بل بدأت أرى بعد شهرين أو ثلاثة، تغيرات ظاهرة على وجوههم.
لقد كان نظرهم عندما تعرفت عليهم للمرة الأولى، لا يعبر عن شيء، كأنه خالٍ من أي فكرة؛ وعندما ينعكس فيه انفعال داخلي، يبرق بريقه بحدة الحيوان الضاري. فأصبح نظرهم يشع إنسانية، ويعكس حياة داخلية تحركها فكرة أو يلونها انطباع، أو تشع فيها عاطفة.

نام کتاب : مذكرات شاهد للقرن نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 410
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست