نام کتاب : مذكرات شاهد للقرن نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 411
ومما لاحظته على وجوههم أن شفاههم المفتوحة مثل شفتي الصبيان، انطبقت كأن إرادة داخلية أغلقتها.
وبهذا وذاك تغيرت صورة الوجه، فأصبحت أشاهد مشاهدة العيان، أثر الحركات الباطنية لحياة الإنسان في تكييف ملامح وجهه.
كنت أرى من دون أي جهد كيف يتغير الوجه، عندما تمسك يدٌ القلم وتتحرك ..
كنت أعيش تجربة مؤثرة، تكشف لي عن حقيقة أدركها لأول مرة، ألا وإن الحضارة التي تضع على عالم الأشياء طابعها الخاص، تضعه أيضاً على وجه الإنسان، فتجعل عليه مسحة الجمال.
فإذا كان اليوم الجمال النروجي يحوز قصب السبق، في مباريات الجمال العالمية، لتعيين أجمل امرأة في العالم، فما يعود هذا للعرق، لأنني لا أعتقد أن المرأة النروجية كانت جميلة، حين لم يكن حول رأسها سوى شعرها الباهت، ولم يكن شيء داخله.
ولكن لم يكن هذا الجانب العذب من حياتي في تلك الفترة، يغطي جانبها الآخر، الذي كان عبؤه الثقيل يقع على زوجي وحدها، لأنها التحقت بي منذ الشهر الأول لتأخد مسؤولياتها في هذا الجانب المادي.
لم يأت المدد المنتظر من شارع (لوشابولييه) ولم يكن ليأتي منه مدد لتقاعس أصحاب المتاجر الجزائريين فيه من ناحية، وذلك لأن النادي أصبح منطلق كل التهجمات الموجهة ضده، بوصفه مخبراً يصنع فيه الاستعمار الجراثيم السيكولوجية التي من مهمة النادي مقاومتها في كل مناسبة، وخاصة عشية كل أحد.
نام کتاب : مذكرات شاهد للقرن نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 411