responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذكرات شاهد للقرن نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 418
يتردد على مقهى (باهي) لأن صاحبه كان بعد كل حديث ليونس بحري يقوم بتفسيره.
وكان (باهي) بارعاً في هذه المهمة، كأنه ساحر كلام. يستولي على المستمعين بكلمات نصفها جد ونصفها بهتان يفتريه، على لسان يونس بحري، ويصبه في قوالب شخصية تزيد في جانب التسلية، إن لم تفد من ناحية الإعلام، وكان يستخدم في ذلك موهبة ذاكرة نادرة يستطيع بها سرد النشرة العربية لإذاعة برلين بحذافيرها، ثم يفسرها بشعر سيدي (علي بن الحفصي).
كانت شبيبة تبسة تجتمع حوله كل مساء في الساعة السادسة عندما تبتدئ النشرة، فينزل السكوت ويستولي الخشوع وتصغي الآذان، وعندما تنتهي النشرة، يبتدئ (باهي) تفسيرها دون أن ينسى افتتاحيتها:
- هنا إذاعة برلين، على موجة كذا. يونس بحري. أحيي العرب! .. يسرد النشرة ثم يبتدئ شرحها فيطول غالباً أكثر من المتن، لأن (باهي) لا يقول مجرد القول، ولكنه ينسج كلمات المتن ليونس بحري، مع أقوال سيدي (علي بن الحفصي) ومع حركاته هو وسكناته، وصرخات إعجابه تارة بالمتن وتارة بقول الشارح، خصوصاً إذا كان الإعجاب بالغاً درجة الشطحة الصوفية، فيصرخ (باهي):
- براج! .. براج! .. براج! ..
على نغمة أوحى له بها فيما يبدو، نقر الطنبور يوم كان في الجيش، فتصيح الحلقة وتتشنج أعصاب (باهي)، فيسقط شبه مغشي عليه فوق السرير الذي يجلس عليه، حتى تعود أنفاسه، بينما المارة خاصة منهم الأجنبي عن القرية، لا يمرون أمام المقهى عندما يكون (باهي) في حالته الوجدانية دون أن يمهل الخطوة أحدهم ليشاهد المنظر الغريب.

نام کتاب : مذكرات شاهد للقرن نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 418
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست