نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1207
التخلُّف والرجعيَّة، وأنَّ الحجاب والنِّقاب عادات، وليستْ عبادات، يقولون ما يريدون، ويُؤَيِّدُهم علماءُ باعوا دينَهم بدنياهم، فيُصدرون الفتاوى حسَب الطلب.
لقد عاشت مصر سنوات طويلة من الذُّلِّ والمهانة، وذاقوا على أيدي الجلاَّدين كلَّ صنوف العذاب، حتى إنَّ الرجل كان يخشى أنْ يُسَلِّم على صاحب دينٍ أو لِحْية، وتَمَّ تحويل المساجد إلى منابر للجَهَلة، عن طريق الأوقاف والدعوة، والتعريف بالدِّين يستلزم الحصول على تصاريح من أمْن الدولة، فإذا كنتَ على عِلْمٍ ودينٍ، وأعطاك الله فَصاحةً في اللسان، فلنْ تقفَ على منبر أو تُعطي درسًا؛ لأنك بصراحة "تستميل القلوب إليك"، و"تسحرهم بحديثك"؛ كما قال الوثنيون عن الرسول الكريم، ومنعوا المشركين من سَماع القرآن؛ حتى لا يُسْحَروا، فكانوا يضعون أصابعَهم في آذانهم، واللهِ لقد شاهدتُ الكثير من خُطباء الجُمَع لا يعرفون القراءة من الكُتب وهم على المنابر، ويَؤُمُّون علماءَ وحَفَظة للقرآن، ولا يستطيع واحِدٌ منهم أن يراجعَ الخطيب بعد الجمعة؛ حتى لا يَبيت ليلته في المعتقل، لقد بلغوا من الجبروت مدَاه، ومن الشرِّ مُنتهاه، حارَبوا الله ودينَه في أرضه، بغوا وطَغوا، وتحالَفوا وأعلوا رايةَ كلِّ مَن يحارب الدِّين والعقيدة بدعوى المدنيَّة والتحضُّر، فتجد المنصَّات تتوِّج مَن يسبُّون أُمَّهات المؤمنين والصحابة، ومَن يتهكَّمون على ربِّ العالَمين، يأتمرون بأوامر أعداء الدِّين ومَن يُطلقون "معاداة السامية" على كلِّ مَن يكشف الحقائقَ.
علَتْ كلمة الباطل أمام أعين الضُّعفاء؛ حتى إنهم يَئِسوا من نصْر الله، وأسهمتْ دولة الظلم المنحلَّة في مصر في تدمير كلِّ ما هو حَسَن، وإعلاء كلِّ ما هو قبيح، فحذفتْ قِيَمَ الإسلام السامية من الكُتب، وأعْلَت قِيَم "الفهلوة" والتسلُّق والجنس، وكل ما هو ضد تعاليم الدين، ويصبُّ في صالح الأعداء، تفنَّنوا في الطرق والأساليب التي تجعل مِن فئة كبيرة من المصريين مجرَّدَ أجساد تتحرَّك بلا وعْي أو إحساس، حتى أيقنوا أنَّ جهازهم العصبي وعقولَهم قد تَمَّ تخديرها بلا رجعة، استراحَ وقتها الجهاز الأمني الذي كان يقتل الأبرياء في عمليات هي إرهابية بحقٍّ، ولكن الفاعل ليس المصريين في الشارع، بل الأجهزة الأمنيَّة، ولَم أتخيَّل أنا شخصيًّا، ولَم يُطاوعني تفكيري أنَّ هناك بشَرًا على أرض الكِنانة قد وصَل تفكيرهم إلى تلك السفالة والإجرام، بل تخطَّوا كلَّ بشاعة يُمكن أن يفعلَها بشَرٌ على وجْه الأرض، بأن يقومَ جهاز أمن الدولة بتخطيط وتجهيز عمليات انتحاريَّة، وتفجيرات يُقْتَل فيها الأبرياء، ويُعْتَقل بسببها أبرياء أيضًا، من أجْل بثِّ الفتنة أو الحِفاظ على كرسي أو منصبٍ، فأي كرسي وأي منصب يستحقُّ أن يَلعنَك الله به في الدنيا والآخرة؟!
وبلغ الظُّلم مداه بإغلاق وفتْح المساجد في مواعيد الصلاة فقط، وتعيين مُخبر لكلِّ مسجد، لقد حارَبوا الله كثيرًا وأمْهَلهم أكثرَ؛ لعلَّهم يرجعون، ولكن طُبِع على قلوبهم، ولكلِّ ظُلم وظالِم نهايةٌ، ونهاية مهينة، فما حدَث في مصر بعد الخامس والعشرين من يناير ليس مجرَّدَ ثورة غضبٍ، بل كان انتقامًا وعقابًا من الله لفئة طغَتْ وتجبَّرت، وعاثَتْ في الأرض فسادًا، فنشروا المحرَّمات، وأباحوها جهارًا،
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1207