نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1294
وقد أصبحت هذه الجاهلية تسود واقع المجتمعات في العالم الإسلامي وتتحكم في العلاقات بين فئات المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا على نحو غير مسبوق!
• أو جاهلية السلوك وانحلال القيم الأخلاقية كما قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]
وشيوع حالة من التحلل الأخلاقي والفراغ الروحي!
وقد عاد الإسلام اليوم غريبا بين أهله كما بدأ، عن كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مِلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَيَرْجِعُ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي» [1].
ومع ذلك كله فهذه الأحوال الجاهلية التي تعيشها الأمة اليوم سياسيا واقتصاديا وتشريعيا وأخلاقيا واجتماعيا، لا تخرج هذه المجتمعات عن كونها شعوبا إسلامية، ومجتمعات مسلمة، ولا عن كون أهلها مسلمين مستضعفين، تتحكم فيهم الجاهلية العالمية وتؤثر بهم، وتسوس شئونهم، بسبب ضعفهم وسيطرة العدو الأجنبي على شئونهم من جهة، وعجزهم عن تدبر هدايات الكتاب والسنة من جهة أخرى، ولا يمكن وصف دولهم وحكوماتهم بأنها إسلامية إلا على سبيل المجاز لا على الحقيقة، أي بحسب ما كانت عليه، أو بحسب ما يجب أن تكون عليه، أو لكونها تحكم شعوبا إسلامية، وكل ذلك مجاز لا حقيقة، إذ الحكومة الإسلامية هي التي تكون الشوكة فيها للأمة وللمؤمنين، فلا نفوذ ولا سيادة ولا شوكة للعدو الخارجي عليها، ويكون الحكم فيها للإسلام وشرائعه.
وإنما يجب على المصلحين معرفة مثل هذه الأحوال، ومعرفة الحكم الشرعي فيها، ليعرفوا الخلل، وكيفية علاجه، والحال التي يريدون نقل الأمة إليه، وكما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55]، وقال تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود: 113] .. الخ
فمن لم يعرف الجاهلية المعاصرة، وسبيل المجرمين، وأحوال الطغاة والظالمين، كان أعجز من أن يعرف السبيل للخروج بالأمة من حالتها الجاهلية إلى واقع إسلامي!
ــــــــ
المبحث الثاني
الخلاف في الحكم على الواقع وكيفية علاجه [1] - سنن الترمذي ت شاكر (5/ 18) (2630) حسن لغيره
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1294