responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 1296
معرفة ما يحل من ذلك وما يحرم، وبلغ الحال ببعضها أن اعتزلت الواقع السياسي، وعاشت عزلة شعورية، حتى باتت غريبة عن واقع شعوبها، مع أنها تتأثر بالواقع ولا تأثر به!
وقد ظلت الخلافة أو الدولة الإسلامية عند هذا الفريق حلما ينتظرون إقامته على الأرض دون الأخذ بسنن المدافعة والمغالبة التي هي الشرط لقيام أي مشروع أو نظام سياسي!
والإشكالية الثانية لدى هذه الطائفة - مع إخلاصها وتضحياتها - هو في معرفة حقيقة الخلافة الراشدة، وأصولها وقواعدها، وغاياتها، وكيفية إعادتها، فصار غاية بعضهم إقامة دولة مستبدة لا توحيد خالصا فيها لله جل جلاله، ولا حرية فيها للإنسان، ولا شورى فيها للأمة!
بل ولا تعرف هذه الطائفة كيف السبيل إلى بعث الخلافة من جديد، وتحويلها من فكرة إلى واقع سياسي!
وزاد الأمر تعقيدا حين خاض كثير من المصلحين المخلصين فيما لا يحسنون فهمه من مشكلات العصر ونوازله، فهم يتحدثون عن حاكمية الله، ولا يعرفون حقيقتها؟
وعن الطاغوت ولا يعرفون كيف يواجهونه؟
وعن الدولة ولا يعرفون مشكلاتها وأوجه الخلل فيها وكيف معالجته؟
وعن الدستور والقانون وهم لا يعرفون الفرق بينهما؟
ولا يعرفون الفرق بين إرادة التحاكم إلى غير حكم الله، والحكم بغير ما أنزل الله، والإكراه على التحاكم إلى غير حكم الله؟
ولا يفرقون بين ما يصح من تصرفات السلطة غير الشرعية وما لا يصح؟
ولا يعرفون كيف يوجبون جهاد الدفع عن بلدان المسلمين اليوم مع أن الحكومات فيها غير شرعية أو طاغوتية ... الخ؟
ولا كيف يحافظون على ثروات الأمة وأرضها ومصالحها تحت ظل حكومات غير شرعية؟!
فلما حارت في هذه النوازل أفهامهم، واضطربت فيها أحلامهم، رأوا اعتزال الواقع وعدم التورط فيه وفي إشكالاته أسلم لدينهم وآخرتهم، غير أنهم أرادوا من الأمة الاعتزال معهم، والوقوف حيث وقفوا، دون أن يدركوا بأن الحياة والمجتمعات لا تتوقف، ولا تنتظر من توقف، بل هي في حركة دائبة، وهي لمن غلب (ومن عز فيها بز)!
وسيطرت على بعضهم أوهام ظنوها حلولا ناجعة، فقيدوا بها أنفسهم وأتباعهم، وأصبحوا أسرى الأوهام، فلم تحقق لهم تلك الأوهام ولا للأمة بعد سبعين سنة شيئا، وصدق فيهم قول شوقي:
وهمٌ يقيد بعضهم بعضا به وقيود هذا العالم الأوهامُ
بل ولم يستطيعوا حتى فهم كلام فقهاء الأمة وأعلامها المعاصرين لهذه النوازل، ولم يستفيدوا من رأيهم واجتهادهم، مع أنهم أول من شهد سقوط الخلافة، وعاصر قيام هذه الدويلات وأنظمتها وقوانينها!

نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 1296
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست