نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1325
لقد كانت أمريكا تحرص غاية الحرص على أمن الخليج العربي واستقراره لحماية مصالحها، وكانت تخشى عليه من أي اضطراب، غير أنها وجدت بأن الفوضى التي حدثت بغزو صدام للكويت سنة 1990م حققت لها ما لم يكن في حسبانها، وفتحت لها آفاقا أوسع ليس لتعزيز سيطرتها على الخليج بشكل كامل وبانتشار قواعدها العسكرية في كل بلد، بل بفتح الطريق للسيطرة على العراق نفسه والذي تحقق سنة 2003م، فتعزز إيمان الولايات المتحدة بصحة نظرية الفوضى الخلاقة وأن الاضطراب قد يكون أنفع وأجدى لها من الاستقرار!
وقد كانت حرب احتلال أفغانستان 2001م ثم حرب احتلال العراق سنة 2003م في سياق تطبيق نظرية الفوضى الخلاقة، إلا أن ما حدث هو أن الولايات المتحدة وحلفاءها وبعد تعرضهم للهزيمة العسكرية في أفغانستان ثم العراق، وجدوا أنفسهم بأنهم أصبحوا هم في دائرة الفوضى الخلاقة نفسها!
وقد برر ريتشارد بيل المستشار السياسي للسفير الأمريكي في الكويت سنة 2003م في زيارته الثانية لنا، بعد احتلالهم للعراق، وبعد أن واجهوا مقاومة من الشعب العراقي، وثبت لهم بأن الوضع في العراق ليس كما صوره لهم عملاؤهم العراقيون، فقال معبرا عن سياسة الولايات المتحدة في المنطقة وكيفية إدارتها للأزمات، وكيف سيسعون لتحقيق ما يريدون من تغيير واقع المنطقة سياسيا، وضرب على ذلك مثلا فقال:
أرأيتم هذه الطاولة وكانت أمامه وعليها كأس ماء وفنجان قهوة، إذا لم أستطع قلبها ما الذي يمكن لي أن أفعل؟
ثم أجاب على الفور سأعيد ترتيب ما عليها من جديد!
لقد أرادت الولايات المتحدة إعادة ترتيب أوضاع الدول العربية للسيطرة عليها أكثر فأكثر، من خلال التدخل المباشر وغير المباشر، وقد آثرت - حين رأت عجزها عن القيام بحرب جديدة بعد هزيمتها في أفغانستان والعراق، ورأت عجز التيار الليبرالي العربي وعدم شعبيته وعدم قدرته على الوصول للسلطة عن طريق الانتخابات ومن خلال الديمقراطية - أن تحافظ على حلفائها التقليديين مع إشراك الإسلاميين التقليديين في السلطة لكسب شعبيتهم، خاصة بعد أن جربتهم في أفغانستان والعراق والسودان ومصر واليمن والأردن والجزائر والكويت وغيرها من الدول، فوجدت أنهم حلفاء يمكن التفاهم معهم، وأنهم يمكن أن يحققوا حين يتم إشراكهم في السلطة استقرارا للأنظمة العربية التي يهم أمريكا وإسرائيل عدم اضطرابها، وقد قطعت الولايات المتحدة مع السودان شوطا بعيدا في مكافحة الإرهاب، وتنفيذ سياساتها دون حاجة لتغيير النظام الأصولي، ولهذا حرصت على المحافظة عليه، مع ممارسة الضغوط حين يستعصي، وتركت دعم المعارضة السودانية ذات التوجهات الليبرالية، ووجدت أن هذه الطريقة هي الأفضل لها ولمشروعها في المنطقة، ولهذا حرصت إدارة أوباما على المحافظة على الوضع القائم في مصر والجزائر وليبيا وتونس وباقي الدول العربية، وتخلت عن فزاعة الديمقراطية التي
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1325