نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1326
ترفعها بين الفينة والأخرى في وجه حلفائها لابتزازهم، مع الضغط لتحقيق بعض الإصلاحات في الدول الحليفة لها بما يمنع من تفجر الوضع فيها، من خلال التنفيس للمعارضة وفتح المجال للمشاركة مع السيطرة على العملية السياسية كلها!
لقد كانت الولايات المتحدة قد اقتنعت بفكرة التوريث في الدول العربية الجمهورية، ما دام ذلك سيحافظ على الاستقرار ويحقق لها مصالحها، خاصة بعد أن وجدت بأن الإسلاميين التقليديين لا يمانعون من ذلك لا في مصر ولا في اليمن ولا في ليبيا!
فكانت تريد لمصر نظاما يرث نظام حسني مبارك وبنفس سياساته، مع تحقيق بعض الإصلاحات الجزئية، التي تمنع من انهياره!
وقد قطعت الولايات المتحدة شوطا في مشروعها ذلك حتى جاءت حرب غزة، فقد أثارت المظاهرات المليونية التي خرجت في العالم العربي إبان حصار غزة قلق الدوائر الغربية من خطورة تفجر الشارع العربي فجأة، وتم عقد اجتماع تابع لحلف النيتو في البحرين، بمشاركة الحكومات الخليجية التي أصبحت جزءا من الحلف، وكان مما طرح فيه موضوع كيف يتم حفظ الأمن الداخلي للدول العربية بالجيوش العربية نفسها!
وكيف يتم تغيير استراتيجياتها لتقوم الجيوش العربية لا بحماية دولها وشعوبها وأوطانها بل بحماية الأنظمة الحاكمة وضبط الأمن الداخلي ومواجهة المظاهرات!
وقد كانت الولايات المتحدة تضغط على قيادات المؤسسة العسكرية المصرية للموافقة على تغيير إستراتيجية الجيش المصري، وذلك قبيل الثورة بأسابيع!
فجاءت (الثورة العربية الخلاقة) لتنسف المشروع الأمريكي للمنطقة من أساسه، ولتعيد ترتيب الأوراق من جديد، لا كما يريد الغرب الاستعماري، وإنما وفق ما تتطلع له الأمة وشعوبها، فكانت الثورة العربية التي لم يتوقعها أحد، ولم تخطر ببال أحد، حدثا تاريخيا مفاجأ بكل المقاييس، فقد أربك سياسة أمريكا، وأذهل أوربا، حدوث مثل هذه الثورة دون سابق إنذار ورصد، ولهذا حاولت - ولا تزال تحاول - بكل ما تستطيع وأد الثورة التونسية من خلال التدخل الفرنسي، والثورة المصرية من خلال تدخل بريطاني وأمريكي وكان آخرها زيارة رئيس الوزراء البريطاني لمصر مؤخرا، فباءت حتى الآن كل محاولاتهم بالفشل، وسقط حلفاؤهم!
فلما جاءت الثورة الليبية وكان القذافي قد أمن لهم مصالحهم النفطية، ونفذ لهم شروطهم، رأت الولايات المتحدة ضرورة كبح جماح هذه الثورة العربية، والاكتفاء بما جرى في تونس ومصر، إذ نجاحها في ليبيا سيفتح الباب على مصراعيه لتعم الثورة العالم العربي كله، وكان وأد الثورة فيها يعني إمكانية إجهاض أي ثورة قادمة، فغضوا الطرف عن المجازر الوحشية التي قامت بها كتائب القذافي مدة أسبوع كامل، حتى ضجت المنظمات الدولية من تلك الجرائم، وبعد أن نجح الثوار في السيطرة على
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1326