نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 19
إن هذه الثورات هي ثورات ضد الظلم والطغيان والفساد، ولله فيها أحكام كونية قدرية، وأخرى خبرية، وثالثة شرعية تكليفية، ومن أدركها وفقهها ازداد يقينا بعد هداية، واستبصر بعد عماية، واستهدى بها بعد غواية:
1 - الأحكام الكونية القدرية:
فقد أخبر الله جل جلاله بأن له سننا في الخلق لا تتخلف، ومن ذلك:
1 - الانتقام من المجرمين، وقطع دابر الظالمين، كما قال تعالى {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} [السجدة: 22]، وقال سبحانه {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 45]، فمن أسباب استحقاق الله جل جلاله لكل المحامد هو كونه رب العالمين الذي يقطع دابر الظالمين، وينتقم من المجرمين، لأنه رب العالمين الرحمن الرحيم!
ولا يشك من له أدنى معرفة بأحوال الأنظمة العربية اليوم، أنها من أشد الأنظمة ظلما وطغيانا وإجراما بحق شعوبها، فقد وقع في سجونهم من الجرائم ما لا يتصوره عقل، وتواتر هذا عن الأمن المصري والتونسي والليبي وفي كل بلد عربي، ما لا يستطيع معه أحد أن ينفيه، وبلغ بهم الإجرام أن يرمى الإنسان من أعلى الأدوار حتى يموت، وأن يصعق بالكهرباء حتى يحترق، ويمشط بأمشاط الحديد حتى يتقطع، ويدفن حيا، ويهتك عرضه، وتغصب أمامه زوجته وأخته وأمه .. الخ
وهذا من الظلم والطغيان الذي لا يرضى الله عنه، بل ينتقم ممن فعله، ويقطع دابره، ولهذا لا يدع الله لهؤلاء الطغاة باقية، بل يستقصيهم ويحصيهم، وهذا ظاهر للعيان فيما يجري لهؤلاء، وربما أمهلهم الله إلى أجل ليأخذهم أخذ عزيز مقتدر، فعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102] صحيح البخاري (6/ 74) (4686) وصحيح مسلم (4/ 1997) 61 - (2583)
فكل من يتابع أخبار ما جرى للرئيس التونسي ثم المصري ثم الليبي، يعجب كل العجب كيف أعمى الله بصائرهم عن اتخاذ الرأي السديد قبل انفلات الأوضاع، وكيف أنه كانت أمامهم فرص للنجاة فيما يتوقع المراقبون، ويظنه المتابعون، فإذا الله يطمس على قلوبهم، ويمكر بهم {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30]، فيمضون إلى قدر الله الذي لا يحابي أحدا، ولا يتخلف أبدا، {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 45]!
2 - نصر المظلومين، ونصر من بُغي عليهم ظلما وعدوانا، فقد وعد الله بنصرهم جميعا، كما قال تعالى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} [الإسراء: 33]، وكما قال تعالى {وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [الحج: 60]، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالصَّائِمُ
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 19