نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1960
وإما الإسرار فليس فيه في الغالب بذل النفس، لأنّه ليس مظنّة الأذى أصلا، بل قد أصبح الإسرار بالنصيحة للسلطة اليوم، من الوسائل السياسية الماكرة التي تُضفي على الظلم شرعية زائفة!
يستحيل تحقيق الدولة العادلة في هذا الزمن بغير رقابة فعّالة على السلطة تقيّدُها وتحملها على مقتضى الإصلاح، والعدل، فإن تعذّر الإصلاح تغيّرها.
هذا .. وقد تقرَّر شرعا، وعقلا، وواقعا، إستحالة أن يؤدِّي نظام الحكم دوره الأساس وهو الإصلاح، والعدالة _ لاسيما في هذا العصر _ إلاّ بوسائل الرقابة، والمحاسبة، التي تملك القدرة على الإصلاح الفعلي، لامجرد البيان القولي وترك السلطة سادرة في غيِّها، وجوْرها!
ولهذا فإنَّ تقييد السلطة في الإسلام كما هو فريضة دينية، هو أيضا ضرورة اجتماعية، وذلك انطلاقاً من حقيقتين اثنتين:
الأولى: أن تولّي السلطة مع احتكار أدوات القوة، والقدرة على استعمال العنف بلا قيود، مدعاة إلى الاستبداد، ضرورة انقياد الطبيعة البشرية لحبِّ التسلط المركوز فيها، وهذه الطبيعة وإن كانت يمكن معارضتها بالوازع الذاتي، غير أنَّه محجوبٌ في طيِّ القلوب، ولا يمكن ضمانه، أو ضمان استمراره، فضلاً عن أن باب ارتكاب المحظورات بالتأويل مفتاحه هو الاستبداد بالرأي، وهو ملازم للسلطة المطلقة من القيود، وهذا الباب قد دخل منه من ظُنَّ فيه الاستقامة، والمثاليّة، وقوة الوازع الذاتي، الذي يُفترض أن يمنع من سوء استعمال السلطة، إلى ارتكاب عظائم من التعسُّف في استعمال السلطة باسم الدين!
ويؤيده ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ، وَإِنَّهَا سَتَكُونُ نَدَامَةً وَحَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَنِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ، وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ» (1)
الثانية: أنَّ تضخم أجهزة، وآلات السلطة في العصر الحديث، وتشعُّبها إلى مختلف أنشطة الحياة، وتملُّك السلطة إلى جانب أدوات العنف (الشرطة، الأمن، الجيش، أجهزة الاستخبارات .. إلخ)،أدوات تمكّنها من صناعة العقول، وصياغتها، وكذا خداعها (الإعلام، التعليم .. إلخ).
إضافة إلى سيطرتها على أدوات التحكُّم في موارد الإنتاج، ودورة الاقتصاد، وبالتالي مستوى حياة الأفراد المعيشية، يعني منحها قدرة مطلقة على تحكُّم كامل في المجتمع، وإخضاعه بالقوة بشتى أنواع الإخضاع.
ولاريب أنَّ هذا يعني أنَّ ترك السلطة التي هذا شأنها بلا قيود تردعها عن الجوْر، يعني تعريض الأمّة لكوارث شاملة تهدِّد وجودها.
(1) -[صحيح ابن حبان - مخرجا 10/ 334] (4482) صحيح (زيادة مني)
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1960