نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1964
لها مثيل في التاريخ، ولا يكاد شيءٌ منها يختص بجنس من البشر حتى يقال أنه من عمل الكفار دون المسلمين!
ولهذا تجد المانعين لبعض وسائل تقييد السلطة، ومحاسبتها، كالمظاهرات السلمية، محتجين بأنها تشبُّه بالكفار! لابد أن يتناقضوا تناقضاً بيناً، فهم يستعملون من الوسائل الحادثة ما لايُحصى كثرة، ويجيزونه في وسائل الدعوة _ مثلا _ فإذا جاءت وسائل الحسبة على السلطة التي هي أعظم نفعا، وأوسع فائدة لأهل الإسلام حظروها، وحاربوها أشدّ الحرب؟!!
--------------
أمثلة تاريخية على جواز المظاهرات
أمثلة على دخول المظاهرات، وسائر وسائل الإحتجاج السلمي في الوسائل المشروعة لإصلاح السلطة، وتقييدها، وردعها عن الظلم.
وهذا كلُّه يدلّ على أنَّ المظاهرات وغيرها من وسائل الإحتجاج السلمي إذا صارت وسيلة لجلب المصالح، ودرء المفاسد، وعادت بالخير على المجتمع، بتقييدها السلطة، ثمَّ حملِها على تحقيق العدالة، وإصلاح الأحوال، وإرجاع الحقوق، ورفع الظلم، فهي مشروعة، وقد تكون واجبة.
وحتى لو كانت تمُنع فيما مضى في زمن لاتحقِّق مصالحها، فلايجب استصحاب التحريم في كلّ عصر، كما قال القرافي في فروقه:"فَإِنَّ الْفُتْيَا بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهَا، وَكَذَلِكَ التَّلَوُّمُ لِلْخُصُومِ فِي تَحْصِيلِ الدُّيُونِ لِلْغُرَمَاءِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعَوَائِدِ مِمَّا لَا يُحْصَى عَدَدُهُ مَتَى تَغَيَّرَتْ فِيهِ الْعَادَةُ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَحَرُمَتْ الْفُتْيَا بِالْأَوَّلِ " (1)
ومعلوم أنَّ المظاهرات، وسائر وسائل الإحتجاج السلمي، قد أصبحت في هذا العصر، وسيلة ناجحة في التغيير، والإصلاح، وهي تستعمل _ تقريبا _ كلَّ يوم في العالم كلِّه، وهي في عامتها تحقق مصالح الشعوب، وتردع السلطة عن جورها، وتعقبها منافع عظيمة، وما يحدث منها بضد ذلك، في غاية الندرة، مما لايلتفت إليه عند بناء الأحكام على مقتضى الوقائع، كما هو متقرر في قواعد الشريعة.
وبهذا يكفي في الإستدلال على مشروعتها، الإباحة الأصلية، إذْ من قواعد الشريعة العامة عظيمة النفع، أنَّ الأصل في الأشياء الإباحة، ولايحرم منها شيء إلاّ بدليل.
كما يستدل أيضاً بقاعدة الوسائل لها حكم المقاصد على ما ذكرنا قبل قليل.
ومع ذلك، ولأنَّ وسيلة الإحتشاد للتظاهر، مؤثِّرة في التغيير الإصلاحي، فقد استعملت في تاريخ أمّتنا الإسلامية، بالطبيعة التي أودعها الله في السنن الإجتماعية البشرية، أنَّ الناس تجتمع فيما تشترك فيه، وتستعمل اجتماعها في تحقيق أهدافها، ولهذا أُسِّست النقابات، والاتحادات، والأحزاب، ونحوها
(1) -[أنوار البروق في أنواع الفروق 1/ 154] و [الفروق للقرافي - دار الكتب العلمية 1/ 84]
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1964