responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 1965
من التجمَّعات وجعل في يدها وسائل تمكنها من نيل حقوقها بقوة الدستور، في كلّ دول العالم المتحضّر، التي ترفض الاستبداد، وتترفَّع عن الصيغ المتخلّفة للحكم!
ومن الأمثلة على ما ذكرته من استعمال وسائل الاحتجاج الجماعي في تاريخ أمّتنا، ما في المنتظم للإمام ابن الجوزي رحمه الله قال _ بعدما ذكر انتشار المفاسد في بغداد آنذاك _: (واجتمع الحنابلة في جامع القصر من الغد، فأقاموا فيه مستغيثين، وأدخلوا معهم الشيخ أبا إسحاق الشيرازي وأصحابه _ أي فقهاء الشافعيّة _ وطلبوا قلع المواخير، وتتبع المفسدات، ومن يبيع النبيذ، وضرب دراهم المعاملة بها عوض القراضة، فتقدم أمير المؤمنين بذلك، فهرب المفسدات، وكبست الدور، وارتفعت الأنبذة، ووعد بقلع المواخير، ومكاتبة عضد الدولة برفعها، والتقدم بضرب دراهم يتعامل بها، فلم يقتنع أقوام منهم بالوعد، وأظهر أبو إسحاق الخروج من البلد فروسل برسالة سكتته) (1)
فهذه مظاهرة، واعتصام، نظمهما علماء الحنابلة، والشافعية معهم، لحمل السلطة على تتبّع الفساد، فنجحت، وآتت أكلَها، ولم ينكرها أحدٌ من العلماء، إذ كيف ينكر فقيه وسيلة اجتماعية لانص على تحريمها، ومع ذلك تفضي إلى مصلحة شرعية؟!!
ومما ورد في تاريخنا أيضا من غير نكير من العلماء، ما ذكره ابن الجوزي في المنتظم أيضا قال:"واجتمع في يوم الخميس رابع عشر المحرم خلق كثير من الحربية، والنصرية، وشارع دار الرقيق، وباب البصرة، والقلائين، ونهر طابق بعد أن أغلقوا دكاكينهم، وقصدوا دار الخلافة وبين أيديهم الدعاة والقراء وهم يلعنون أهل الكرخ واجتمعوا وازدحموا على باب الغربة، وتكلموا من غير تحفظ في القول، فراسلهم الخليفة ببعض الخدم أننا قد أنكرنا ما أنكرتم، وتقدمنا بأن لا يقع معاودة، ونحن نغفل في هذا ما لا يقع به المراد. فانصرفوا وقبض على ابن الفاخر العلوي في آخرين، ووكل بهم في الديوان، وهرب صاحب الشرطة لأنه كان أجاز لأهل الكرخ ما فعلوا، وركب أصحاب السلطان فأرهبوا العامة، وقد كانوا على التعرض بأهل الكرخ وإيقاع الفتنة، ثم واصل أهل الكرخ التردد إلى الديوان، والتنصل مما كان، والاحتجاج بصاحب الشرطة، وأنه أمرهم بذلك، والسؤال في معنى المعتقلين، فأفرج عنهم في ثامن عشر المحرم بعد أن خرج توقيع بلعن من يسب الصحابة، ويظهر البدع." (2)
فهؤلاء الدعاة، والقرّاء، تقدّموا المحتجّين المتظاهرين ضد السماح ببدعة شتم الصحابة، في مسيرة إلى دار الخلافة، وتكلَّموا بغير تحفّظ في القول _ فلعلّهم شتموا السلطة لتقصيرها في أداء واجبها! _ وكان مع هذه المسيرة، إضراب عن العمل ذلك اليوم، بإغلاق الدكاكين، ولم ينكر ذلك أحدٌ من العلماء، إذ لايستنكر مثل هذه الوسائل الاجتماعية السلميّة الفعّالة عاقل فضلا عن عالم!!

(1) -[المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 16/ 139]
(2) -[المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 16/ 94]
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 1965
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست