نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 137
ومن فسر الحكمة بالمعرفة فهو مبني على أن المعرفة الصحيحة فيها معنى المنع، والتحديد، والفصل بين الأشياء، وكذلك الإتقان، فيه منع للشيء المتقن من تطرق الخلل والفساد إليه، وفي هذا المعنى قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (الإحكام هو الفصل والتمييز والفرق والتحديد الذي به يتحقق الشيء ويحصل إتقانه، ولهذا دخل فيه معنى المنع كما دخل في الحد بالمنع جزء معناه لا جميع معناه) [1].
ب- تعريف الحكمة في الاصطلاح الشرعي:
ذكر العلماء مفهوم الحكمة في القرآن الكريم والسنة النبوية [2]، واختلفوا على أقوال كثيرة، فقيل: الحكمة هي النبوة وقيل: القرآن، والفقه به: ناسخة ومنسوخة، ومحكمة ومتشابهة، ومقدمه ومؤخره، وحلال وحرامه وأمثاله.
وقيل: الإصابة في القول والفعل: وقيل: معرفة لاحق والعمل به، وقيل: العلم النافع والعمل الصالح، وقيل: الخشية لله، وقيل: السنة، وقيل: الورع في دين الله، وقيل: العلم والعمل به، ولا يسمى الرجل حكيما إلا إذا جمع بينهما، وقيل: وضع كل شيء في موضعه، وقيل: سرعة الجواب مع الإصابة [3]، وقد ذكر بعضهم تسعة وعشرين قولا في تعريف الحكمة [4].
(وهذه الأقوال كلها قريب بعضها من بعض؛ لأن الحكمة مصدر من الأحكام، وهو الإتقان في قول أو فعل، فكل ما ذكر فهو نوع من الحكمة التي هي الجنس، فكتاب الله حكمة، وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- حكمة، وكل ما ذكر من التفضيل فهو حكمة، وأصل الحكمة ما يمتنع به من السفه، فقيل للعلم حكمة؛ لأنه يمتنع به من السفه، وبه بعلم الامتناع من السفه الذي هو كل فعل قبيح ... ) [5]. [1] مجموعة الرسائل الكبرى، لابن تيمية (2/ 7). [2] انظر: البخاري مع الفتح، كتاب العلم، باب الاغتباط في العلم والحكمة (1/ 165). [3] تفسير القرآن لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (1/ 436، 3/ 60 - 61) تفسير البغوي (1/ 256، 1/ 116)، زاد المسير (1/ 324) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (2/ 131)، (3/ 60 - 61). [4] انظر: تفسير البحر المحيط (2/ 320). [5] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3/ 330).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 137