نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 138
وعند التأمل والنظر نجد أن التعريف الشامل الذي يجمع ويضم جميع هذه الأقوال في تعريف الحكمة هو: (الإصابة في الأقوال والأفعال، ووضع كل شيء في موضعه) [1].
فجميع الأقوال تدخل في هذا التعريف، لأن الحكمة مأخوذة من الحكم وفصل القضاء الذي هو بمعنى الفصل بين الحق والباطل: يقال: إن فلانا لحكيم بين الحكمة، يعني: أنه بين الإصابة في القول والفعل، فجميع التعاريف داخلة في هذا القول، لأن الإصابة في الأمور إنما تكون عن فهم بها، وعلم، ومعرفة، والمصيب عن فهم منه بمواضع الصواب يكون في جميع أموره: فهما، خاشيا لله، فقيها عالما، عاملا بعلمه، ورعا في دينه ... والحكمة أعم من النبوة، والنبوة بعض معانيها وأعلى أقسامها، لأن الأنبياء عليه الصلاة والسلام مسددون، مفهمون، وموفقون لإصابة الصواب في الأقوال، والأفعال، والاعتقادات، وفي جميع الأمور [2].
والحكمة في كتاب الله نوعان [3]: مفردة ومقرونة بالكتاب فالمفردة كقوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل: 125]، وقوله تعالى: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) [البقرة: 269]، وقوله سبحانه: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ للهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [لقمان: 12].
وهذه الحكمة فسرت بما تقدم من أقوال العلماء في تعريف الحكمة، وهذا النوع كثير في كتاب الله. أما الحكمة المقرونة بالكتاب، فهي السنة من أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله، وتقريراته، وسيرته، كقوله تعالى: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ) [البقرة: 129]. [1] الحكمة في الدعوة إلى الله (27). [2] انظر: تفسير الطبري (1/ 436، 3/ 61). [3] انظر: مدارج السالكين لابن القيم (2/ 478)، والتفسير القيم لابن القيم (227).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 138