نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 251
وبهذا بين - صلى الله عليه وسلم - الدواء النافع لهذا الداء المهلك وهو ثلاثة أشياء: الانتهاء عن هذه الوساوس الشيطانية، والاستعاذة من شر من ألقاها وشبه بها: ليضل بها العباد، والاعتصام بعصمة الإيمان الصحيح الذي من اعتصم به كان من الآمنين. وذلك لأن الباطل يتضح بطلانه بأمور كثيرة أعظمها العلم أنه منافي للحق، وكل ما نقض الحق فهو باطل {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضلالُ} [يونس: 32].
الثالث عشر: ومنها أن الإيمان ملجأ المؤمنين في كل ما يلم بهم، من سرور وحزن وخوف وأمن، وطاعة ومعصية، وغير ذلك من الأمور التي لا بد لكل أحد منها؛ فيلجئون إلى الإيمان عند الخوف فيطمئنون إليه ويزيدهم إيمانًا وثباتًا، وقوة وشجاعة ويضمحل الخوف الذي أصابهم كما قال تعالى عن خيار الخلق: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ} [آل عمران: 173 - 174].
لقد اضمحل الخوف من قلوب هؤلاء الأخيار، وخلفه قوة الإيمان وحلاوته وقوة التوكل على الله، والثقة بوعده، ويلجئون إلى الإيمان عند الطاعة والتوفيق للأعمال الصالحة، فيعترفون بنعمة الله عليهم بها؛ وأن نعمته عليهم فيها أعظم من نعم العافية والرزق، وكذلك يحرصون على تكميلها، وعمل كل سبب لقبولها وعدم ردها أو نقصها، ويسألون الذي نفضل عليهم بالتوفيق لها، أن يتم عليهم نعمته بقبولها، والذي تفضل عليهم بحصول أصلها، أن يتم لهم منها ما انتقصوه منها: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 61] ويلجئون إلى الإيمان إذا ابتلوا بشيء من المعاصي بالمبادرة إلى التوبة منها، وعمل ما يقدرون عليه من الحسنات لجبر نقصها قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201].
فالمؤمنون في جميع تقلباتهم وتصرفاتهم ملجؤهم إلى الإيمان ومفزعهم إلى تحقيقه ودفع ما ينافيه ويضاده، وذلك من فضل الله عليهم ومنه [1] وخوفًا من [1] التوضيح والبيان (85).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 251