نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 290
فرسم القرآن الكريم لهذه الأمة طريقة الاستقامة فاستجابت لأمر الله ورسوله وآمنت برسل الله جميعًا، وشهد الله لها بهذا الإيمان في محكم كتابه فقال: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285].
وبلغ من عمق إيمانها برسل الله وتصديقها لهم، أنها تشهد لهم على أممهم بالبلاغ، كما تقدم في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يدعى نوح يوم القيامة، فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيقال لأمته، هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول محمد وأمته، فيشهدون أنه قد بلغ، ويكون الرسول عليهم شهيدًا، فذلك قوله جل ذكره، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] [1].
الأمر الثاني: أنها لم تتنقص أحدًا منهم، كما فعل غيرها من الأمم، بل وقَّرتهم وعزرتهم ونصرتهم، ونفت عنهم كل ما يقدح في أشخاصهم أو نبوتهم ورسالتهم، وأثبتت عصمتهم من الكفر، وارتكاب الكبائر قبل الرسالة وبعدها، وفي الصغائر خلاف، والجمهور على عصمتهم من تعمدها [2].
لأنهم صفوة الله من خلقه، كما أخبر الله في غير ما آية من كتابه فقال: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 33].
وقال عن موسى عليه السلام: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39] وقال عن عدد من رسله: {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ} [ص: 47] وقال عن جميع رسله: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: 75].
فهذه الأمة تؤمن وتعتقد أن رسل الله وأنبيائه أفضل الخلق وأطهرهم وأزكاهم، [1] أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب {وكذلك جعلناكم أمة} (8/ 171 رقم الحديث (4487). [2] انظر: لوامع الأنوار، للسفاريني، (2/ 303 - 305).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 290