نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 355
وقال - صلى الله عليه وسلم -: " إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء "، ومشيئة الله النافذة، وقدرته الشاملة يجتمعان فيما كان، وسيكون يفترقان فيما لم يكن، ولا هو كائن، فما شاء الله كونه فهو كائن بقدرته لا محالة، وما لم يشأ كونه فإنه لا يكن لعدم مشيئته، لا لعدم قدرته عليه، وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة: 253] فعدم اقتتالهم ليس لعدم قدرة الله، ولكن لعدم مشيئته ذلك ومثاله قوله تعالى: {وَلُوْ شَاءَ اللَّه لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: 35] وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّه مَا أَشْرَكوا} [الأنعام: 107].
مرتبة الخلق:
وهذه المرتبة تقتضي الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله بذواتها، وصفاتها، وحركاتها، وبأن كل من سوى الله مخلوق موجد من العدم، كائن بعد أن لم يكن، وهذه المرتبة دلت عليها الكتب السماوية، وأجمع عليها الرسل عليهم الصلاة والسلام، واتفقت عليها الفطر، والعقول السليمة، والأدلة على هذه المرتبة كثيرة منها قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْء} [الزمر: 62] وقوله: [الَذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيّكمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [تبارك: [2]].
وأخرج البخاري في خلق أفعال العباد عن حذيفة [1] - رضي الله عنه - قال قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله يصنع كل صانع وصنعته " [2].
هذه هي مراتب القدر الأربع التي لا يتم الإيمان بالقدر إلا بها.
وأفعال العباد داخله في عموم خلقه تعالى، ولا يخرجها شيء من عموم قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شيْءٍ} فالأفعال هي من الله خلقًا وإيجادًا وتقديرًا، وهي من العباد فعلاً وكسبًا، فالله هو الخالق لأفعالهم، وهم الفاعلون لها، فنؤمن بجميع [1] هو حذيفة بن اليمان العبسي من نجباء الصحابة وهو صاحب سر النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنافقين كان يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشر لتجنبه، شهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد وشهد فتوح العراق، وتوفي بالمدائن (36 هـ). انظر: أسد الغابة (1/ 468)، سير أعلام النبلاء (2/ 361). [2] أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد والرد على الجهمية وأهل التعطيل: 25، باب أفعال العباد.
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 355