نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 418
ما يرجى لهم إحسان الحياة في اجتماعاتهم، ولا فرق في هذا المنهاج بين المسجد والمجتمع، فكلاهما تجمع يجب أن يخضع لدين الله وتعاليمه [1].
أما الزكاة: هي في حقيقتها واجب مالي يؤخذ من الأغنياء ليرد على الفقراء وذوي الحاجة من الغارمين، والأرقاء وغيرهم، وهي بذلك تمثل الحد الأدنى المفروض فرضا للتعاون الاجتماعي، والتكافل الاقتصادي بين أبناء الأمة الواحدة، لذلك جعل الله تعالى معظم مصارفها اجتماعية بحتة، بأوسع المدلولات الاجتماعية في القديم أو الحديث على السواء، وكما جاءت صلاة العيد لتوسع دائرة الاجتماع في الصلاة، تأتي هنا أيضًا (زكاة الفطر) لتوسع قاعدة التكافل، والتعاون إلى أقصى حد.
أما الأثر الاجتماعي لفريضة (الحج) فواسع شامل، ولا زالت آثاره تظهر كل يوم بجديد من حكمة الله تعالى في تشريعه، وقد أشار القرآن الكريم إلى كثير من ذلك، قال تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنْتُمْ مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ) [البقرة: 198].
روى البخاري بسنده عن ابن عباس قال: (كانت عكاظ، ومجنة، وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فتأثموا أن يتاجروا في موسم الحج، فسألوا رسول الله فنزلت الآية: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ) [البقرة: 198] [2].
وقال تعالى: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) [الحج: 27 - 28].
والمنافع المشهودة كلمة جامعة، تشمل المنافع الروحية، والمادية والاجتماعية، والسياسية والثقافية، والاقتصادية وسائر ما يطلق عليه اسم (المنفعة)، وقد جعلت غاية من غايات الحج وتقديمها على ذكر الله تعالى إيذان يبالغ أهميتها في مراتب المنافع والحكم الشرعية، وإن من أعظم هذه الفوائد جمع أطراف الأمة المسلمة كل [1] انظر: المنهاج القرآني في التشريع (462). [2] رواه البخاري: كتاب التفسير، باب ليس عليكم جناح (5/ 186 رقم 4519).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 418