نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 425
حرر القرآن الكريم العبادة من القيود المكانية المتزمتة، ولم يشترط المكان الخاص في عباداته إلا في الحج، لما فيه من فوائد تفوق فائدة التحرر من المكان، من التجمع العالمي للمسلمين حول أول بيت وضع للناس [1].
ومع اشتراط المكان لعبادة الحج، فليس فيه أي شائبة لتأثير الكهنوت وليس فيه أي ثغرة لتدخل الوسطاء والكهان بين المسلم وبين الله، وشأنه في ذلك شأنه في سائر عبادات الإسلام.
إن العبادات في القرآن الكريم لا تتوقف على توسيط هيكل أو تقريب كهانة، إن المسلم يصلي حيث أدركه موعد الصلاة، وأينما تكونوا فثم وجه الله، ويصوم ويفطر في داره أو في موطن عمله. ويحج ليذهب إلى بيت لا سلطان فيه لأصحاب سدانة، ولا حق عنده لأحد في قربانه، غير حق المساكينن والمعوزين ويذهب إلى صلاة الجماعة، فلا تتقيد صلاته الجامعة بمراسم كهانة أو إتارة حراب، ويؤمه في هذه الصلاة الجامعة من هو أهل للإمامة بين الحاضرين باختيارهم لساعتهم إن لم يكن معروفا عنده قبل ذلك [2].
إن عقيدة المسلم في الله لا تتيح مكانا لأولئك الوسطاء الذين يتحكمون في ضمائر عباد الله، فاعتقاد المسلم في الله يقوم على حقيقتين:
أولاهما: أنه تعالى فوق عباده، علو قهر، ومكانة، وذات سلطان وتصرفه لا يشبهه شيء، ولا يحكم عليه شيء، ولا يقع في ملكه إلا ما يريد (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) [الأنعام: 18]، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى:11]، (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص: [1] - 4].
أما المسلم فقد عرف من كتاب الله العزيز أن الأرض كلها محراب كبير، فحيثما [1] انظر: العبادة في الإسلام (151). [2] انظر: حقائق الإسلام، للعقاد (112).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 425