نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 83
ونبوته، فتحدى به الجن والإنس أن يأتوا بمثله فقال: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء: 88]، وقال تعالى: (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ) [الطور: 34]، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله، فقال: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [هود. 13].
فلما لم يستطيعوا تحداهم أن يأتوا بسورة فقال: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [يونس: 38] وهذا التحدي من خصائص هذا الكتاب العزيز، ولم يقع لكتاب قبله، لأن الله لم يجعلها معجزة لأنبيائه، وإنما اختص كل نبي منهم بمعجزة رئيسية من جنس ما برع فيه قومه، فكانت معجزة موسى -عليه السلام- إحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص لبروز قومه في الطب، ثم جعل معجزة نبينا -صلى الله عليه وسلم- هذا الكتاب الكريم المعجز بنظمه ومعناه فتحدى به العرب مع فصاحتهم وبلاغتهم التي عرفوا بها.
يقول -صلى الله عليه وسلم-: "ما من الأنبياء نبي إلا أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله، فأرجو أن أكون أكثر تبعا يوم القيامة" [1].
قال الإمام ابن كثير في معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: "إنما كان الذي أوتيته وحيا" أي الذي اختصصت به من بينهم هذا القرآن المعجز للبشر أن يعارضوه بخلاف غيره من الكتب الإلهية، فإنها ليست معجزة والله أعلم [2].
وبعد: فهذا غيض من فيض من فضائل هذا الكتاب العظيم، الذي أنزل على هذه الأمة، فهو الكتاب الوحيد الذي وصفه الله بأنه أحسن الحديث، والكتاب الوحيد الذي تكفل الله بحفظه وصيانته من بين سائر كتبه، وهو الكتاب الذي جعله الله مهيمنا وشاهدًا على ما قبله من الكتب، حاويا لأفضل وأحسن ما جاء فيها [1] أخرجه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزول الوحي (9/ 3)، رقم الحديث (4981). [2] تفسير ابن كثير (1/ 89).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 83