نام کتاب : العصبة المؤمنة بين عناية الرحمن ومكر الشيطان نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 172
فطغت على الأرض جميعا! وليس الإيمان عندها بالتمني، لكن ما وقر في القلب وصدقه العمل! «وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» ..
عليه وحده .. كما يفيده بناء العبارة. لا يشركون معه أحدا يستعينون به ويتوكلون عليه .. أو كما عقب عليها الإمام ابن كثير في التفسير: «أي لا يرجون سواه، ولا يقصدون إلا إياه، ولا يلوذون إلا بجنابه، ولا يطلبون الحوائج إلا منه، ولا يرغبون إلا إليه، ويعلمون أنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه المتصرف في الملك لا شريك له ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب، ولهذا قال سعيد ابن جبير: التوكل على اللّه جماع الإيمان» ..
وهذا هو إخلاص الاعتقاد بوحدانية اللّه وإخلاص العبادة له دون سواه فما يمكن أن يجتمع في قلب واحد، توحيد اللّه والتوكل على أحد معه سبحانه. والذين يجدون في قلوبهم الاتكال على أحد أو على سبب يجب أن يبحثوا ابتداء في قلوبهم عن الإيمان باللّه! وليس الاتكال على اللّه وحده بمانع من اتخاذ الأسباب. فالمؤمن يتخذ الأسباب من باب الإيمان باللّه وطاعته فيما يأمر به من اتخاذها ولكنه لا يجعل الأسباب هي التي تنشئ النتائج فيتكل عليها. إن الذي ينشئ النتائج - كما ينشئ الأسباب - هو قدر اللّه. ولا علاقة بين السبب والنتيجة في شعور المؤمن .. اتخاذ السبب عبادة بالطاعة.
وتحقق النتيجة قدر من اللّه مستقل عن السبب لا يقدر عليه إلا اللّه .. وبذلك يتحرر شعور المؤمن من التعبد للأسباب والتعلق بها وفي الوقت ذاته هو يستوفيها بقدر طاقته لينال ثواب طاعة اللّه في استيفائها.
ولقد ظلت الجاهلية «العلمية!» الحديثة تلج فيما تسميه «حتمية القوانين الطبيعية». ذلك لتنفي «قدر اللّه» وتنفي «غيب اللّه». حتى وقفت في النهاية عن طريق وسائلها وتجاربها ذاتها، أمام غيب اللّه وقدر اللّه وقفة العاجز عن التنبؤ الحتمي! ولجأت إلى نظرية «الاحتمالات» في عالم المادة. فكل ما كان حتميا صار احتماليا. وبقي «الغيب» سرا مختوما. وبقي قدر اللّه هو الحقيقة الوحيدة المستيقنة وبقي قول اللّه - سبحانه - «لا تدري لعل اللّه يحدث بعد ذلك أمرا» هو القانون الحتمي الوحيد، الذي يتحدث بصدق
نام کتاب : العصبة المؤمنة بين عناية الرحمن ومكر الشيطان نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 172