نام کتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 82
تقدمها له لتأييد الإنتاج الفكري، ومن الواضح أن رد فعل كهذا كان مقرراً بمقتضى المبدأ الثاني الذي قدمنا ذكره، أي المبدأ الذي يقضي في منهج الاستعمار، بفصل الكتاب عن القضية التي يكافح من أجلها فصلاً عمليا بوسائل مادية، أو معنويا بوسائل نفسية، وتحويل المعركة التي بدأت بينه وبين الاستعمار إلى معركة بينه وبين إخوانه.
ولكن حينما يحدث هذا فهل أساس المشكلة (تعفن) الشخص من بين المشرفين على جمعية العلماء، الذي أتى عن طريقه هذا الإيحاء من طرف الاستعمار ليلقيه في آذان أولئك المشرفين؟ أم أساسها الضعف الفكري الفظيع الذي أبداه هؤلاء المشرفون الذين عبروا في هذه المناسبة، عن عدم كفاءهم، وأخص منهم بالذكر فضيلة الشيخ العربي التبسي، لأنني أعلم أنه كان على جانب خلقي عظيم، بينما نراه من الناحية الفكرية يبدي ضعفاً كبيراً، فلم يقتنع بتقبل الإيحاء المذكور، بل أصبح يدافع عنه بكل إخلاص دون أن يشعر بأن موقفه ذاته كان في خطة الاستعمار، بصفته أهم العوامل التي من شأنها أن تبعد كاتباً معيناً عن القضية. فهو قد وقف هذا الموقف لأنه لم يكن يعلم- رحمه الله- أن الصراع الفكري، هو فوق كل شيء. الصراع الذي يصنع سلاحه مما في طيات النفس وخفايا الروح.
وبالتالي فإن الجانب الفكري هو الأساسي في المشكلة التي نحن بصددها: إن الأفكار لا تتمتع في المجتمع الإسلامي بقيمة ذاتية، تجعلنا ننظر إليها بصفتها أسمى المقومات الاجتماعية، وقوة أساسية تنظم وتوجه قوى التاريخ كلها، وتعصمها بذلك من محاولات الإحباط مهما كان نوعها.
وهذه الثغرة تعود في تكوينها، إلى شيء من التخلف في تطورنا الاجتماعي، عرفناه في دراسة أخرى [1] بـ ((الطور لما قبل الاجتماعي))، أي [1] راجع (فكرة كومنولث إسلامي).
نام کتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 82