إن المشركين والكفار لا يراعون في المسلمين إذا قدروا عليهم عهدًا ولا قرابة، كما قال ربنا -سبحانه وتعالى- في كتابه: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًًا وَلا ذِمَّةً} (التوبة: من الآية: 8).
وقال سبحانه: {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًًا وَلا ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ} (التوبة: 10).
وقال -جل مَنْ قائل-: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (البقرة: من الآية: 120).
لهذا كان الجهاد في سبيل الله هو الفيصل بين المسلمين وأعدائهم؛ لأنه يثمر بإذن الله -تبارك وتعالى- القضاء على قوة الكفر وإذلال طغاته، وإذلال حزبه، وخزيهم وإلقاء الرعب في قلوبهم، كما قال -تبارك وتعالى-: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} (الأحزاب: 25: 27).
إن الله -تبارك وتعالى- قد رتب على الجهاد قتال الكافرين، وتعذيب أعداء الله وخزيهم، ونصر المجاهدين عليهم، وشفاء صدور المؤمنين الذي أوغر أعداء الله صدورهم، وإذهاب غيظ قلوبهم بما يدخل عليهم من السرور بكسر شوكة أعداء الله والقضاء على قوتهم، كما قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (التوبة: 14، 15).
لقد قام النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بحركة الجهاد، واستطاع أن يقضي على شوكة الكفر في الجزيرة، وأن يرد كيد اليهود، ووجه ضربات موفقة للنصارى، وسار الصديق -رضي الله تعالى عنه- على نفس المنهج، وخاض حروب الرِّدة، وقضى على مُسيلمة الكذاب، فكانت