تعالى؛ لِيَظْفَرَ بالحياة الطيبة في الدار الآخرة، قال الله -تبارك وتعالى-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا} (القصص: من الآية: 77) وهذا لا يعني أن يَحْرِمَ الإنسان نفسه من الطيبات المباحة، أَوْ أَنْ يُرْهِقَ جسده بحرمانه مما يحتاج إليه؛ قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ} (الأعراف: من الآية: 32).
الدُّنْيَا وسيلة لا غاية، والدنيا -بكل ما فيها من متاعٍ وأموال- ليست هي الغاية للإنسان، وإنما هي وسيلة إلى الغاية التي خُلِقَ مِنْ أَجْلِهَا، وَهِيَ إِعْدَادُ نَفْسِهِ للدَّارِ الْآخِرَةِ، وذلك لا يكون إلا بعبادة الله تعالى؛ فلا يجوز للإنسان أن ينسى هذه الغاية إذا ظَفَرَ بِوَسَائِلَ الدُّنْيَا وَمَتَاعِهَا، وَلَا يَجْعَلُ الدُّنْيَا -أَوْ شَيْئًا منها- هِيَ غَايَتُهُ؛ فَمَتَاعُ الدُّنْيَا يَمِيلُ إليه المسلم كوسيلةٍ فقط تُسَهِّلُ له بلوغ الغاية التي خلق من أجلها، وينبغي أن يعلم أن سيفارق هذه الوسائل قطعًا، ولا يبقى له إلا ما استفاده منها في عبادة ربه ومرضاته.
إِنَّ إدراك هذه المعاني واستحضارها في الذهن من الأمور الضرورية؛ لضبط النشاط الاقتصادي على النحو الذي يريده الإنسان؛ لأن الضوابط الحقيقية لنشاط الإنسان هي التي تضبطه من داخله؛ تضبط إرادته وقصده ونظرته وميله؛ فإذا انضبط الداخل سهل ضبط الخارج -أي: النشاط الخارجي للإنسان- وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه المعاني جميعًا في آياتٍ كثيرة: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (الكهف: من الآية: 7) وقال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} (الكهف: 46).
وبالتالي نَعْرِفُ أَنَّ الْعَقِيدَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ أَسَاسُ النظام الإسلامي، بهذا الفهم الذي ذكرته الآن، وهو أن المال مال الله -تبارك وتعالى- وأن العبد