صعب على الكثير أن يتركها، ولكن هذا التدرج كان مفيدًا للغاية، وهو سمة عظمة من سمات التشريع الإسلامي.
وهذه الأسس التي بنيت عليها الشريعة الإسلامية تجعلنا -يَا أَيُّهَا النَّاسُ- نُقْبِلُ عَلَى شَرِيعَةِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَأَنْ نَعْتَقِدَ وَنَعْلَمَ أَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ أَمْرًا عِلْمِيًّا فَحَسْب، أَوْ عَمَلِيَّةً قَلْبِيَّةً يعتقدها الإنسان بقلبه فقط، وَإِنَّمَا الْإِسْلَامُ وَالْإِيْمَانُ كُلٌّ مِنْهُمَا يَتَعَدَّى ذلك إلى عمل وشريعة لا بد أن يقوم بها الإنسان، وبهذه المناسبة أود أن أشير إلى سماحة ويسر وعدل ورحمة الشريعة الإسلامية؛ فالشريعة رحمة كلها، وعدل كلها، ومصلحة كلها.
ولو علم العالم ما في هذه الشريعة من خيرٍ ونفعٍ لهم في العاجل والآجل لأتوا إليها، ولتركوا الاحتكام إلى غيرها، ولأصبحوا جميعًا ينعمون بتحكيم شريعة الله -عز وجل- فالله -عز وجل- أعلم بما يصلح عباده؛ لأنه هو خالقهم، وقد أنزل عليهم ما يصلحهم، ولذلك أقول: هَلُمُّوا -معشر الناس- إلى شريعة الله -تبارك وتعالى.
التشريع حق لله وحده دون سواه
أنتقل بعد ذلك إلى العنصر الثالث من عناصر هذا اللقاء، وهو العنصر الأخير، وهو بعنوان "التشريع حق لله وحده دون سواه"، ويشتمل هذا العنصر على النقاط التالية:
أ- بيان أن المشرع هو الله وحده؛ الله وحده هو الذي يحق له أن يَسُنَّ التشريعات التي يَخْضَعُ لَهَا الْعِبَادُ فِي حَيَاتِهِمُ الْخَاصَّة والعامة، وهذا الحق أمر بَدَهِيٌّ في حس المسلم وتصوره، ذلك أن هذه الأرض التي نعيش عليها جزء من مملكة الله في كونه الواسع، والعباد الذين يدبون فوقها هم من صنعة الله وتكوينه وخلقه، فهو ربهم وإلههم وسيدهم ومن حقه سبحانه أن يُشَرِّعَ لَهم، فَمَا هُمْ إلا عبيده ومماليكه.
ومن ناحية أخرى فإن تشريعه لعباده هو التشريع الذي يصلح عباده، ذلك أنه تشريع محكم كامل؛ لأنه من العليم الخبير الحكيم، فلا تشريع أحسن ولا أكمل ولا