ولقد كان -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى أمراً مُنافياً للعقيدة، نهى عنه بشدّة، وأمَر بتَرْكه، أو نزَعه بيده؛ ومن ذلك ما روي عن عمران بن الحصين -رضي الله عنه-: ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً في يده حَلَقة من صفْر، فقال: ما هذا؟ قال: من الواهنة. فقال -صلى الله عليه وسلم-: انزعْها! فإنها لا تزيدك إلاّ وهناً؛ فإنك لو متّ عليها ما أفلحتَ أبداً))، رواه الإمام أحمد بإسناد لا بأس به.
الواهنة: عِرْقٌ يأخذ في المنكب وفي اليد كلّها فيؤلمها، وقيل: هو مرض يأخذ في العضد. وإنما نُهي عن الحلقة لأنه تميمة، ولأنه إنّما اتخذها على أنها تعصمه من الألم.
وعن أبي بشير الأنصاري أنه كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره، فأرسل رسولاً: ((أن لا يُبْقِيَنَّ في رقَبة بعير قلادةً من وتَر إلاّ قُطِعتْ))، رواه الشيخان.
والوتر: واحد الأوتار القوس، وكان أهل الجاهلية إذا اخلوْلق الوتر أبدلوه بغيْره، وقلّدوا به الدواب اعتقاداً منهم أنه يدفع العيْن عن الدابة.
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: ((أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى خاتَماً من ذهبٍ في يد رجل، فنزعه فطرَحه، وقال: يعمد أحدُكم إلى جمرة من نار، فيجعلها في يده)). "فقيل للرجُل بعد ما ذهب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خُذْ خاتَمك انتفِعْ به! قال: لا والله! لا آخذه أبداً، وقد طرَحه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" رواه مسلم.
فهذه الأمثلة وغيرها تفيد: أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يغيّر المنكر بيده حينما تمكّن من ذلك خلال المرحلة المدنية، وقد كان يرسل من أصحابه لإزالة المنكرات، وأن الصحابة -رضوان الله عليهم- ما كانوا يقدمون على أمْر أو نهْي إلاّ بإذن لهم من الرسول -صلى الله عليه وسلم- يأمرهم به؛ وهذا أكبر ضمان لمرتبة التغيير باليد، وحتى لا