هذه الوسائل وغَيرها: أدوات لتحصيل العُلوم والمَعارف، التي أمر الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- بالتَّزود منها، قال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} (طه:114).
وإنّ معيار نجاح الدّعاة إلى الله يتوقّف على مِقدار ما يُحصِّلونه من عُلوم وما يَتزوّدون به من مَعارف، تُربِّي عُقولهم، وتَسمو بأفكارِهم، وتُوقِظ في قُلوبِهم ينابيع الخَير. ولن يَتسنَّى لهم ذلك إلاّ بَكثرة الاطّلاع، واتّساع الثقافة، اللّذَيْن يُؤدِّيان إلى دِقّة الفَهْم، وعُمق الفِكر؛ وهذا يَتحقّق حينما يكون الدّاعي مُلماً بأطراف العُلوم النَّظريّة والتَّطبيقيّة، وكذلك سائر المَعارف الإنسانية وفْقَ كلّ عَصر وبيئة.
ولذا قيل: إن عِلْم الدَّعوة يَبدأ من حَيث تَنتهي كلّ التَّخصصات؛ فالإنسان إذا أراد أن يَنخَرط في سِلك الدُّعاة إلى الله، فلْيَتَنقّل في رياض العُلوم والمَعارف، مَثَلُه كمَثَل النَّحلة تَنتَقل من غُصْن إلى غُصْنٍ، وتَتحوّل من زَهرة إلى زَهرة، تَرتشف الرَّحيق، وتَمْتَص العَبير، لِتُخْرِجَ عسلاً مُصفىً فيه شِفاء للناس.
وكذلك الدّاعي إلى الله يَتريّض بين العُلوم المُختلفة، يَسبر أغوارها، ويَقِف على موضوعاتها، ويَتعرّف على فوائدها، فتَتّسع مَدارِكُه، وتَكثُر معارفه، ويكون لديه الدواء الناجِع والبَلسم الشافي لأمراض المُجتمع وعِلَلِه.
لذا، فعلْم الدّعوة مُرتَبط بالعُلوم الأخرى ارتباطاً وثيقاً، كارتباط الرأس بالجَسد. فالعلوم المُختلفة والمَعارف المُتنوِّعة، هي روافِد للتَّعريف بالإسلام، وشَرْح أحكامه، ودَعوة الناس إليه؛ فهي وَسيلة لأسمى غَاية، وأشرف عَمل، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (فُصِّلَت:33).