والدّاعي إلى دين الله، والآمر بالمَعروف والناهي عن المُنكر، لا بدَّ وأن يَكون عالِماً عِلْماً يَقينياً بما يَدعو إليه، أو يأمر به من مَعروفٍ، أو يَنهى عَنه من مُنكر، ولا بدَّ أن يكون عالِماً بالأسلوب الذي يَستَخدمه، وبالعلوم التي تُفيده في ميادين الدّعوة، وذلك لتلافي الأمور التالية:
الأمر الأول:
الحذر من أن يَدعوَ إلى باطِل وهو يَحسبه حقاً؛ فيكون ضَررُه على الدِّين أشدّ من ضَرر الصامتِين، وخَطرُه أعظمَ من خَطر أعداء الدِّين، ولا سيما إذا اتُّخذ قُدوةً فيما يَدعو إليه من باطل في سلوكه الخاص.
الأمر الثاني:
الحَذر إذْ لم يكن عَالِماً بَصيراً وداعياً حَكيماً، أن يَتخذَ أسلوباً مُنَفِّراً؛ وهذا ضَرره أكثر من نَفعه.
الأمر الثالث:
إن لم يَكن عَالِماً، فسوف يَستدلُّ على ما يَدعو إليه أو يَنصح به، بأدلّةٍ باطلةٍ، فيَحْصُلُ من دَعوته ضَررٌ أكثر من النَّفع، فيُسيء من حَيث يَتوقّع منه الإحسان.
الأمر الرابع:
خَشية أن يُسأل غير العالم عن مَسألة، فيُفتي فيها بغَير علْم، فيَضِلّ ويُضِلّ.
ولقد حذَّر الرسول -صلى الله عليه وسلم- مِن اتّخاذ رُؤوس في العلْم جُهَّال، فيكونون وبالاً على الدِّين، ونَكبة للأمة.