فقد روى البخاري ومسلم: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنَّ الله تعالى لا يَقبض العِلْم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يَقبض العلْم بقبض العلماء؛ حتى إذا لم يُبقِ عالماً، اتّخذ الناس رؤوساً جهالاً فسُئلوا، فأفتَوْا بغَير عِلْم، فضلُّوا وأضلّوا)).
لهذه الأسباب ولغيرها، يتّضح ما ينبغي أن يكون عليه الداعية إلى الله، من وجوب الوقوف على شتَّى أنواع الثقافات، والإلمام ببعض العلوم التي يستفيد منها، ويُفيدُ غيره في ميادين الدّعوة.
وسوف نوضِّح العلاقة الوطيدة والارتباط العميق بين علْم الدعوة والعلوم الأخرى.
العلوم التي لها ارتباط وثيق بعِلْم الدّعوة
إنّ علْم الدعوة إلى الله لن يُؤتي ثماره، ولن تتحقّق نتائجُه إلاّ إذا ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالعُلوم والمَعارف حيث يَنهل منها الدَّاعية، ومن خِلال جِماع هذه العلوم، تَتولّد لديْه الثقافةُ الواسعة والإلمام بقضايا أمّتِه، ومشاكِل عَصره، وتكون عِنده القُدرة على استمالة المَشاعِر، واستِنهاض الهِمَم، وذلك بالحُجج الدامِغة، والبراهين الساطِعة، والأدلّة القوية، المُتسلِّحة بحُسن المَنطق، وسَلامة التَّعبير، ورَوعة الأداء.
والعُلوم التي ترتبط بالدّعوة، ويجب على الدعاة تَحصيلها والإلمام بها، هي ما يلي:
القسم الأول: علوم اللّغة العربيّة. لقد تَنزَّل القُرآن على قَلب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بلسان عَربيّ مُبين، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (الشعراء:192 - 195).