روى الوليد بن عقبة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: ((إنّ أناساً من أهل الجنّة يطّلعون على أناس من أهل النار، فيقولون: بِم دخلْتم النار؟ فوالله ما دخلنا الجنّة إلا بما تعلّمْنا منكم. فيقولون: إنّا كنّا نقول ولا نفعل))، المرجع السابق.
قال الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "من نصّب نفسه إماماً للناس، فلْيبْدأْ بتعليم نفْسه قبْل تعليم غيره، ولْيَكنْ تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه. ومعلّم نفْسه ومُهذِّبها أحق بالإجلال من معلِّم الناس ومهذِّبهم".
وهل يجني الذين يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ولا يتّعظون، ويُرشدون ولا يسترشدون، إلا سخرية العباد وسُخط ربّ العباد.
ولهذا قيل: "فِعْل رجل في ألْف رجُل، أقوى من قول ألْف رجُل في رجُل".
وعلى الدّاعية: أن يكون أحرص على إصلاح سِرّه منه على إصلاح جَهره، وليكن اهتمامه بنظافة باطنه أكثر من اهتمامه بنظافة ظاهره.
وعلى الدّاعية: أن يكون صريحاً من نفسه، فلا يخادعها، ومع الناس فلا يرائيهم؛ وليس هذا شأن الدعاة فحسب، ولكن شأن كلّ مَن يلي أمراً من أمور المؤمنين في كلّ شؤون الحياة.
ولقد تحدّث الشعراء والأدباء عن أولئك البعض الذين يقولون ما لا يفعلون ومن ذلك:
يا واعظ الناس قد أصبحت مُتّهَماً ... إذا عِبت أموراً أنت تأتيها
أصبحت تنصحُهم بالوعظ مُجتهداً ... والموبقات لَعَمري أنت جانيها
تعيب دنيا وناساً راغبين لها ... وأنت أكثرُ الناسِ رغبةً فيها
ومن عيون الشعر العربي:
لا تَنْه عن خُلُق وتأتي مثْلَه ... عارٌ عليك إذا فعَلتَ عظيمُ