اختر لنفسك يا أخا العرفان
حور حسان قد كملن خلائقاً ... ومحاسناً من أجمل النسوان (1)
يقول الشارح رحمه الله: قال الله تعالى: {وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ} [2] الحور: جمع حوراء وهي: المرأة الشابة الحسناء الجميلة البيضاء، شديدة سواد العين، التي يحار الطرف فيها من رقَّة الجلد، ومن صفاء اللون، [قاله: مجاهد، والصحيح أن الحور مأخوذ من الحور في العين، وهو شدة بياضها مع قوة سوادها، فهو يتضمّن الأمرين))] [3][4].
(1) شرح قصيدة ابن القيم لأحمد بن عيسى، /542 - 548. [2] سورة الطور، الآية: 20. [3] أحمد بن عيسى، شرح قصيدة ابن القيم، /548. [4] ولا شك أن صفات الحور العين في الأحاديث كثيرة، وكذلك صفات مساكن أهل الجنة ومن ذلك على وجه الاختصار ما يأتي:
- أما صفات الحور العين، فقد جاء فيها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين يلونهم على أشد كوكب دُرِّيّ في السماء إضاءة، لكل امرئٍ منهم زوجتان اثنتان يُرى مُخُّ سُوقهما من وراء اللحم، وما في الجنة أعزب))، [البخاري، برقم 3246، 3254، 3327، ومسلم، واللفظ له، برقم 2834]، وجاء في حديث أنس - رضي الله عنه -: ((ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطّلعت على أهل الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحاً، ولَنَصِيفُها على رأسها - يعني خمارَها - خير من الدنيا وما فيها))، [البخاري، برقم 6568، ورقم 2796]، وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أول زمرة يدخلون الجنة كأنّ وجوههم ضوء القمر ليلةَ البدر، والزمرة الثانية على لون أحسن كوكب دُرّيّ في السماء، لكل رجل منهم زوجتان من الحور العين، على كل زوجة سبعون حُلّة، يُرى مُخُّ سُوقهما من وراء لحومِهِما، وحُللهما، كما يُرى الشَّرابُ الأحمرُ في الزجاجة البيضاء))، [الطبراني في المعجم الكبير، 1/ 160، برقم 10321، وقال ابن القيم في كتابه حادي الأرواح، ص346: ((وهذا الإسناد على شرط الصحيح))، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 10/ 411: ((وإسناد ابن مسعود صحيح)) بعد أن نسبه إلى معجم الطبراني الأوسط فقط ((برقم 4897 مجمع البحرين))] وغير ذلك كثير في السنة المطهرة.
- وأما مساكن أهل الجنة وقصورهم فقد جاء فيها أحاديث كثيرة، منها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى امرأة وقصراً من ذهب لعمر في الجنة، [البخاري، برقم 3242، ورقم 7024، ومسلم، برقم 2394 - 2395]. وجاء جبريل - عليه السلام -، إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمره أن يبشّر خديجة ببيت في الجنة من قصبٍ، لا صَخَبَ فيه ولا نَصَبَ)) [البخاري، برقم 3820، ومسلم، برقم 2432] وقوله: ((من قصب: أي من لؤلؤة مجوّفة واسعة كالقصر المنيف، وقيل: بيت من القصب المنظوم بالدر واللؤلؤ والياقوت [فتح الباري لابن حجر، 7/ 138]. وثبت عن عثمان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((من بنى مسجداً لله بنى الله له بيتاً في الجنة)) [مسلم، برقم 533، واللفظ له، والبخاري، برقم 450]. وثبت في حديث أم حبيبة رضي الله عنها: ((ما من مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير فريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة، أو إلا بُنِيَ له بيت في الجنة)) [مسلم، برقم 728]، وفسرها الترمذي بأنها السنن الرواتب.
وأصحاب الغرف لهم مكانة عالية في الجنة، ولهذا جاء في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدرّي الغابر من الأفق من المشرق أو المغرب، لتفاضل ما بينهم))، قالوا: يا رسول الله: تلك منازل الأنبياء، لا يبلغها غيرهم، قال: ((بلى، والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله، وصدّقوا المرسلين))، [مسلم، برقم 2831].