نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 129
لعلّ في هذا التقسيم غموضًا وسببه أمران: الأول أنه مأخوذ من حال أصحابنا، وآخر ما أخذ من الغامض أن يكون غامضًا، والثاني أنني "بوجادي" [1] فيما تعلّمته من أصحابنا. - ومن المؤسف أن كانت التجربة في هذا الفصل- فهاكم الحقيقة في موضوعنا.
أسباب تكوين جمعية العلماء المسلمين طبيعية.
إن مما لا يفهمه أصحابنا علماء السنّة، أن الأسباب الداعية لتكوين جمعية العلماء طبيعية، وأن رجالها القائمين عليها أدوات ليست مقصودة بالذات، وأن جماعة يؤخرها الانتخاب ويقدّمها ويوجدها الاختيار ويعدمها لهي فكرة خالدة خلود الجبال.
فجمعية العلماء المسلمين ومبدؤها الإصلاحي الديني هما في الحقيقة شيء واحد. هما فكرة معتصرة من حال الأمة الجزائرية المسلمة في اجتماعها ومن حيث إنها أمة قابلة للتطوّر، وقد اقتضاها الوجود فوجدت والتزمها التطوّر فظهرت، وقد حان حينها وشبت عن طوق الخفاء فتكوّنت كالنبتة يراها الرائي ضعيفة طرية ليّنة ويراها مع ذلك تشقّ الأرض الصلبة والتراب المتماسك في طريقها إلى الكمال، وما لقوّة النبتة خضعت الأرض الصلبة ولكن لقوّة الحياة وسلطان الوجود. ومن يسدّ طريق العارض الهطل؟
وعلى هذا فلو لم تقم هذه الفكرة بهؤلاء الأشخاص لقامت بآخرين مثلهم، فإذا رماهم الزمان بطائفة مبطلة مثل أصحابنا رماها الله بخذلان من عنده حتى يبلغ الحق مداه وتتمّ كلمة الله فيه.
إن الجمعيات لا تبقى ولا يضمن لها الدوام إلا إذا كان في المعنى الذي أسّست لأجله عنصر من عناصر التجديد لطائفة أو لأمة وتكون قواعد العمران وأصول الأديان مقتضية له في حياة تلك الأمة الروحية أو المادية. وما من جديد في حياة الأمة إلا وله أصل اندثر وذهبت منه العين أو الأثر، فتقوم الجماعات أو الجمعيات بإحيائه أو تجديده فيكون لمعنى الاجتماع- وفيه قوّة- مؤازر من معنى الجدة وفيه قوّة أخرى، فتصير القوّتان للجمعية بمثابة جناحين تطير بهما إلى الكمال.
وليست بهذه القوة ولا بهذه المثابة، الجمعيات التي تؤسّس لإبقاء قديم على قدمه وحال على ما هي عليه كمن يؤسس جمعية بني فلان لأنهم بنو فلان لا لمعنى آخر زائد على ذلك يجلب لهم نفعًا جديدًا، أو، يعلمهم عملًا مفيدًا أو يدفع عنهم ضرًا مبيدًا، أو يقتضي لهم من الكمال؟ مزيدًا. وكمن يؤسس جمعية الفلّاحين لأنهم فلّاحون فقط، لا لمعنى آخر
1) بوجادي: كلمة عامية ومعناها مبتدئ لمّا يتعلّم بعد.
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 129