responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 146
الآثار العلمية الكتابية ما يكون مرآة تتجلّى فيها روح عصرها إلا بعض ما أبقته الليالي من رسائل في الاخوانيات تدلّ على مقام أصحابها في الأدب، ولا تدلّ على مقامهم في العلم، إذ كانوا لا يسمّون الأدب علمًا ولا يعتدون به ولا يقيمون له اعتبارًا، ومن أوراق في التوثيق والفتوى لا تدل على شيء، وليس بعد ذلك إلا توافه من لغو الحديث كانوا يسمّونها شعرًا وما هي من الشعر في شيء.
وقد اطّلعنا على أكثرها، فإذا هي من لون واحد وإذا هي مصروفة في الغالب إلى مدح المشائخ والكبراء، وإذا هي أخت الأشعار الملحونة الرائجة في السوق لأنها منقطعة الصلة بالشعر في أعاريضه وأضرُبه، ومنقطعة الصلة بالعربية في ألفاظها ومعانيها، ومنقطعة الصلة بالخيال في تصرفه وانتزاعه.
بل أنا أحكم بأن في الشعر الملحون ما هو شعر على الحقيقة، فقد سمعت من شعر القرن الماضي ما يفيض حكمة وحثًا على الفضائل والكمالات، وتخويفًا من الله والآخرة، وسمعنا منه ما يتضمّن المغازي والسير وإن كان معظمه كذبًا، ولكننا لم نجد لشعر إخواننا العلماء أثرًا في هذه المواضيع.
وإذا كانت هذه المقارنة تعسر على المؤرّخ الذي يريد إرضاء الحقيقة على طريقة الواقع ويحمله النهم بحبّ الاطّلاع على الإشراف على ما وراء ذلك، فيرى أن العلوم العربية ضعفت في هذا الوطن منذ خراب أمصار العلم الكبيرة فيه كبجاية وتلمسان، ثم يخرج بنتيجة وهي أن ذلك الضعف الذي حلّ بالعلم من أول المائة العاشرة ألحَّ عليه حتى أودى به، ويقول لو كان علم لكانت آثار. وإذا كانت المقلّمة، من آثار ابن خلدون بهذا الوطن في المائة الثامنة، وبدائع السلك من آثار ابن الأزرق في المائة التاسعة فأين آثار القرن العاشر إذا استثنينا مؤلفات الأخضري وطائفة لا تتجاوز عدد الأصابع. ثم أين آثار القرن الحادي عشر وما بعده إلا بضع رحلات لا قيمة لها إذا قيست برحلة ابن بطوطة في الإحاطة، أو برحلة خالد البلوي في الأدب، أو برحلة ابن رُشيْد الفهري في المحاورات العلمية والرواية، أو برحلة التيجاني التونسي في التنسيق التاريخي.
وإذا كان في هذه القرون عالم أجاد علمًا أو خلف أثرًا متقنًا- وهو ما لا ينكر- فهو كالشاذ من القاعدة فلا يرجح به ميزان المقارنة.
إذا كانت هذه هي العقبة التي تعترض المؤرّخ فإننا بمنجاة منها في طريقنا إلى عرض الحالة العلمية في الوقت الحاضر، لأننا إنما نقارن يومنا بأمسنا وطورًا بطور فإن زدنا فجيلًا بجيل وحالًا بحال، فقد خلقنا كلنا بهذا الوطن فوجدنا علمًا لا نشكّ في أنه مأخوذ من علم كان قبله بصورته أو بما يقرب منها قوة أو ضعفًا. ووجدنا علماء لا نشك في أنهم أخذوا عن

نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست