responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 147
علماء كانوا قبلهم مثلهم أو على مقربة منهم، لا نشك في هذا وإن كنا نعلم أن طريقة السلف في التزام السند العلمي واعتباره جزءًا من العلم قد اندثرت من أيام بجاية. وأن الحال لم يزل على ذلك إلى أن هبّت على هذا الوطن نفحة من نفحات الله في هذا العهد الأخير فأصبح كتاب الله يدرّس بكيفية حية مثمرة وعلى أساس أنه هداية عامة لجميع البشر، وانه حجة الله البالغة على خلقه في كل زمان وفي كل مكان، وأصبحت سنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تُدرّس من أصولها الصحيحة، ويبيّن فيها وفي كتاب الله مقارنة الحكمة للحكم والدليل للمدلول والعلم للعمل، وأصبحت العربية تدرّس بكيفية تؤدي إلى تحصيل الملكة القيّمة والذوق الصحيح، وأنتجت لنا هذه الدراسة شعراء نفاخر بهم وكتابًا وخطباء، وأصبح الشعر والكتابة والخطابة أدوات تقدّم ووسائل حياة لهذه الأمة إذا لم تنصرف في الفنون السخيفة التي كانت تنصرف فيها، ولم تضطرب في الميادين الضيّقة التي كانت تضطرب فيها، بل انطلقت أمام الحياة تمهّد لها السبيل وتفتح لها المغالق.
فإذا قارنّا الآن فلنقارن حالنا قبل هذه النهضة بحالنا الآن- ونحن في عنفوانها- لنعلم أي مدى بلغنا وإلى أية مرتبة وصلنا، وليكون ذلك حافزًا لنا إلى التقلّم، ولنأنس بذلك كما يأنس المسافر حينما يقطع مرحلة من مراحل السفر.

أيها الإخوة الأعزاء،
إن أكبر ميزة يمتاز بها هذا الطور الذي نحن فيه من أطوارنا العلمية هي الاستدلال، فلقد كان العلم إلى ما قبل النهضة مباشرة عبارة عن أقوال يسلمها الشيخ لكتابه، وسلّمها التلميذ لشيخه، فإذا استقامت تراكيب الكتاب وأفادت معنى صحيحًا لم يكن في ذهن الشيخ قوة على التماس الدليل، ولم يكن من حق التلميذ أن يطالبه بالدليل، إذا تاقت نفسه إلى الكمال بمعرفة الشيء بدليله، أو انقدح في نفسه خاطر من شك في صحة تلك القضية فأراد أن يطرده بالدليل كما يطرد خاطر الشر بالاستعاذة بالله.
ولقد كان التسليم أصلًا من أصول الأدب في جميع ما يعمر مجالسنا العلمية من الأحاديث، وإن هذا لهو المنفذ الواقع الذي دخلت علينا منه الخرافات والأحاديث الموضوعة والمبالغات السخيفة والآراء المضطربة وكبائر الغلو ومويقاته، حتى أصبحت كلها علمًا وأصبحنا مكرهين على تحمّله وأدائه، وإنما انتقلت إلينا عدوى هذه النزعة- نزعة التسليم- من مشائخ الطرق، فقد كانت مسيطرة على مجالسهم وخلواتهم وكانوا يأخذون أتباعهم فيما يأخذونهم به من أصول التربية بتحقيق معناها من أنفسهم ليروضوهم بها على الطاعة العمياء لهم، ومن كلماتهم التي سارت مثلًا "سلم تسلم" و "سلم للرجال في كل حال".
فكان من آثار هذه النزعة في النفوس ما أنتم تعلمون وما أنتم تشاهدون وما أنتم تعانون.

نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 147
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست