responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 152
أما في وطننا هذا وفي نهضتنا هذه، فإننا نفخر بأنها بنيت على إقرار الزعامة العلمية، وأن النهضة العلمية كسائر النهضات لا تبنى إلا على أساس "الزعامة"، وأن جميع ما يعترض النهضات من بطء وإسراع تابع لوضع الزعامة ومستقرّها.
وما دامت الموازنة بين أمسنا ويومنا، فقد كان علماؤنا بالأمس- ولا زالت بقاياهم إلى اليوم- وأمرهم فوضى وشملهم شتيت لم يكوِّنوا زعامة، ولم يعترفوا لزعيم.
وإني لأذكر ذلك السكوت الذي يسود مجالسهم إذا اجتمعوا، وتلك النظرات التي يتبادلونها، وأذكر ذلك الملل الذي يغشى تلك المجالس. وأذكر تلك الأحوال التي تلبسهم إذا خلا كل واحد منهم بنفسه، فأصبح زعيم نفسه، وأذكر تلك الأساليب التي كنّا نسمعها من عالم إذا سئل عن ترجمة عالم وعن درجته في العلم أو عن فتوى أفتى بها أو رأي أبداه في مسألة نحوية، وأذكر تلك العبارات التي كانت تبدر منهم في تنقيص بعضهم بعضًا أمام العامة.

أيها الإخوة الكرام،
ومن الميزات التي لا يغفلها الباحث في عرض الحالة العلمية والموازنة بين الحالين، الاقتصار على لُباب العلم والرمي إلى أغراضه السديدة، واطراح القشور وما لا محصول له من المباحث، وإيثار العلم المفهوم على العلم المحفوظ. وقد بدأ اتجاه التعليم يستقيم، وظهر من آثاره اختيار الكتب العامرة المملوءة علمًا، المعينة على تكوين الملكات، الخالية من النظريات المجردة والمماحكات اللفظية، ولا نذهب بعيدًا في الفرق بين هذه الحالة وبين ما قبلها، فإن بقايا الحالة القديمة لا تزال موجودة ولا تزال هي الغالبة في مجالس التدريس، وإنما نريد التنويه بهذه الحالة التي بدأت بشائرها تخفق في جوّنا العلمي، مغتبطين بها راجين لها النمو السربع والرقي المستمرّ.

أيها الإخوة،
ومن مميزات هذا الطور الذي نحن فيه من أطوارنا العلمية روح التآخي المُنْبَثَّة بين هذه الطائفة من أعضاء الجمعية، والمحبّة التي ينطوون عليها لبعضهم ولإخوانهم في العلم، وإن تجافوا في المبدإِ، وأنهم إذا أغضبهم من عالم شيء فإنما هو خذله للحق أو نصره للباطل، وهو من نوع البغض في الله الذي أدبنا به الدين.
وإن السبب الأقوى في هذا التآخي وهذه المحبّة هو الاتصال والتعارف، وستعمل الجمعية على تقوية هذه الروح في النفوس بتقوية أسبابها، فلا أحد أحوج إلى التعاون من هذه الأسرة العلمية، ولا يتم هذا التعاون ويؤتي ثمراته إلا بتآخٍ يغمرهم، ومحبة تربط بين قلوبهم حتى يكونوا قدوة صالحة لغيرهم، فمن العار أن يدعوا الأمة إلى التآخي، وهم غير متآخين، وإلى المحبَة وهم غير متحابين.

نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست