نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 204
البعيدة، فرأوا أن مفتاح الباب الذي منه دخلوا ومبدأ الطريق الذي منه وصلوا هو "ألفبا"، وأن أول منعم عليهم بهذه النعم الجليلة هو أول من علّمهم هذه الحروف الضئيلة.
لذلك نرى من آثارهم ونسمع هن أخبارهم في نشر العلم ومحاربة الجهل ما يفوق الوصف، ونرى من أعمالهم ونسمع من أقوالهم في ذم الأميّة ومحاربة الأميّة ما نقضي معه بالعجب.
فهناك جهود تُبذل وأموال تُصرف وطرائق تُخترع للقضاء على الأميّة واقتلاع جرثومتها الخبيثة.
لأن القوم يعتبرونها- كما هي في الواقع- آفة اجتماعية مهلكة، فهم يحاربونها كما يحاربون الجراد والدود، ويقاومونها كما يقاومون الأوبئة والطواعين. ونحن نرى ظلّها كل يوم يتقلص من بين هذه الأمم، وطوفانها ينحسر حتى ليوشك أن لا يبقى في بعضها أمّي واحد.
وإن الإحصاءات الرسمية المدققة تدلّ دلالة قاطعة على أن القوم جادّون في هذه الحرب وأن عدد الأميّين كل يوم في تناقص، وأن نسبتهم كل عام في هبوط بحيث يقولون إن الأمّة الفلانية لم يبق فيها من الأميّين إلا عشرة في المائة والباقون كلهم قرّاء، وقد أصبحت هذه النسب محفوظة في تاريخ الأمم الحديثة ومعدودة من أحاديث فخرها ومجدها، إذ لا معنى لقلة الأميّين إلا كثرة المتعلمين وسعة انتشار العلم.
فأين نسبتنا من هؤلاء؟ وأين مساعينا من مساعيهم؟ وأين خطباؤنا؟ لم لا يحملون على الأميّة حملة شعواء؟ ولم لا يعطونها من الاهتمام ما أعطوه لقرن الثور وفضائل الشهور؟ وأين شعراؤنا؟ لم لا يشاركون في حملة منظمة ويدعون إليها بقصائدهم المثيرة المحركة؟ وأين علماؤنا الذين برّأهم الله من داء الأميّة؟ لماذا لا يسعون في تطبيب غيرهم منها؟ أم هم يريدون أن تبقى الأمّة أميّة ليبقوا سادات ومشائخ؟ فإن كان هذا مرادهم فأنبئوهم عني أنه ليس من الشرف السيادة على طغام، والرعاية على أغنام.
وأين أغنياؤنا؟ يخرجون الأموال ويشيّدون المدارس ويقفون في مكافحة هذا الداء الفتّاك موقف الأبطال؟
إخواني،
هذا حديث عن أضرار الأميّة وويلاتها. فهل حديث عن إزالتها ومقاومتها؟ وأي سلاح تحارب به هذه الأمّة الصمّاء؟
إني أظن أن أول هيئة اجتماعية فكرت في محاربة الأميّة بصورة منظمة في هذا الوطن هي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وأن أول رجل أعرفه فكّر في مقاومة الأميّة بصورة
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 204