نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 339
وانفضّ الاحتفال على الساعة الثانية إلا ربع بعد الزوال.
ومن لطائف الاتفاق أنه خطر لبعض الهيئات تقديم هدية تذكارية للأستاذ، ولم تعلم هيئة بما اعتزمت عليه الأخرى من نوع الهدية. فلما قدّمت الهدايا أمام الجمهور بعد انتهاء الخطابة كان تناسقها مفاجأة مدهشة، وهي محفظة كتب عربية ثمينة قدّمها وفد تلمسان، وقلم تحبير ثمين معه قلم رصاص قدّمتها هيئة جمعية التربية والتعليم، ونسخة من تفسير المنار قدّمتها هيئة جمعية العلماء، ونسخة من كتاب فتح الباري قدّمتها لجنة الاحتفال.
وكما كانت هذه الهدايا لطيفة في معناها التذكاري وفي رمزها العلمي وفي تناسقها، فقد كان سرور الأستاذ بها عظيمًا ووقعها في نفسه لطيفًا. ثم تمّ التناسق ولطف الذوق في حفلة المساء حين قدّم له تلامذة كشافة الرجاء مصباحًا كهربائيًا ظريفًا وقدّم له تلامذة الشباب الفني (زربية) سجادة صلاة.
...
وفي مساء الثلاثاء اشتركت ثلاث جمعيات علمية وفنية ورياضية في إقامة احتفال زاهر فخم في كليّة الشعب ابتهاجًا بضيوف القرآن.
أما الجمعيات: فهي جمعية التربية والتعليم وجمعية الشباب الفني الفنية وجمعية كشافة الرجاء الرياضية.
وأما الاحتفال فكان ناجحًا إلى أقصى حدود النجاح، مؤثّرًا إلى أبعد غايات التأثير، ظهرت فيه جمعية "الشباب الفني"- على حداثة عهدها- بمظهر الكفاءة والتجديد وسلامة الذوق والانسجام بين العازفين في المظهر وبين القطع في المخبر. وقد عزفوا قطعًا مشجية وترنم عليها التلامذة بأناشيد أشجى، حتى لقد رأيت كثيرًا من عمار الصفوف الأمامية يبكون تأثّرًا، وان أنس فلا أنس التلميذين اللذين أنشدا نشيد الترحيب على عزف (البيانو)، انهما لطراز عال في رخامة الصوت وسلامة الأداء وجمال المنطق حفظهما الله وأقر بهما أعين الأمّة التي تعلّق رجاءها على أمثالهما.
إن التطويل في وصف هذه الحفلة يفضي إلى التقصير. وخلاصة القول فيها إنها كانت زادًا روحيًا قدّمته قسنطينة لوفودها بعد أن جاوزت الغاية فيما قلّصته لهم من أطايب الغذاء البدني. وإن سرّها وسحرها ليسا آتيين من الاطراب في العزف والإطراف في الأناشيد والإجادة في التمثيل والاتزان في الحركات، وإنما هما آتيان من شيء آخر وراء هذا كله، هو أمل الأمّة في أبنائها، كان صورة في الأذهان ومخيلة في الأدمغة، فرأت منه في هذه الليلة
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي جلد : 1 صفحه : 339